كأن التشكيلة الحكومية، لم تعد عصيّة بقدر الانطباعات السائدة، والأجواء السياسية باتت أكثر انشراحا بعد عشاء العمل الذي أقامه الرئيس نبيه بري لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وسط حضور ضيّق اقتصر على المعاونين السياسيين للرجلين، الوزير علي حسن خليل ونادر الحريري، ومصدر الانشراح حديث الرئيس بري عن تصاعد الدخان الأبيض.
طبعا، لم تصل الجهود الى نهاية طريق الحلول، ولن نقول فول قبل أن يصبح في المكيول.
قبل ان يطلب الرئيس المكلف تحديد موعد له مع الرئيس عون في بعبدا، حاملا اليه التشكيلة الحكومية.
وبحسب روزنامة عيد العلم وتاليه عيد الاستقلال المفترض اعلان التشكيلة الموعودة عشيتهما، بقي أسبوع أمام الشيف سعد، لانضاج الطبخة الحكومية، في الموعد المفترض، ويبدو انه حضّر معظم الأصناف، وحدّد كافة المقادير.
فالتراشق بالفيتوات بين الفرقاء الأساسيين توقف أو كاد، بموجب تفاهم، يحظر على أي فريق اسلامي وضع فيتو على اشراك فريق مسيحي معيّن بالحكومة، أو على تسلم هذا الفريق وزارة معيّنة، كما يحظر على الفريق المسيحي، استخدام الفيتو، ضد فريق اسلامي، يينما يسمح بتبادل الفيتوات فيما بين الأفرقاء، مسيحيين كانوا أم مسلمين، كأن يكون بوسع حزب الله وضع فيتو على مرشح شيعي معيّن للوزارة، لكن ليس بوسعه استخدام هذا المانع ضد القوات اللبنانية، كما لا يحق لحركة أمل طرحه بوجه مرشحي التيار الوطني الحر، وغاية هذه المعادلة، هي حماية مبدأ العيش المشترك بين اللبنانيين، ومنع اقامة متاريس العزل وخنادق الرفض للآخر…
وفي الحالة الحكومية الحاضرة، يمكن استبدال عبارة الفيتو بعبارة المونة بمعنى ان يمون التيار الحر على القوات أو بالأحرى الرئيس عون على الدكتور جعجع، لصرف النظر عن المطالبة بوزارة سيادية، والاكتفاء بوزارة خدماتية أو اثنتين، اضافة الى ما تيسّر من الوزارات الثانوية أو وزارات الدولة. أو ان يمون حزب الله على حركة أمل، أو بالأحرى السيد نصرالله على الرئيس بري، بترك هذه الوزارة والاكتفاء بتلك، تسهيلا لقيام حكومة وحدة وطنية، بالمبنى والمعنى والشمولية. مع العلم ان النائب ابراهيم كنعان، أكد أمس ان العقدة ليست بالحقائب السيادية بدليل موافقة التيار الحر على احتفاظ القوات اللبنانية باحدى الوزارات الأربعة الموصوفة بالسيادية…
ولكن أين العقدة إذن؟ الدكتور سمير جعجع تحدث أمس عن ثلاثة أسباب تعيق تشكيل الحكومة سريعا: عدم اعتياد البعض على مشاركة رئاسية صحيحة في تشكيل الحكومة، والانزعاج من مشاركة القوات في الحكومة، وعدم الاعتراف بالتحالفات الجديدة…
قد تكون الاتصالات والتفاهمات حول تجاوز الفيتوات، لم تتبلور تماما بعد، لكن لا بد من التوقف أمام العقبة الكأداء المتمثلة بالمداورة في الوزارات، حيث يقول النائب ابراهيم كنعان ان المشكلة هنا، المشكلة بعدم جواز ان تكون ثمة وزارات مقدسة وأخرى أقلّ قداسة وثالثة عديمة القداسة، وان تكون هناك وزارات حكر علينا أو على غيرنا…
والمقصود كما هو واضح وزارة المال، التي يريد الرئيس بري الاحتفاظ بها، كون وزيرها يملك التوقيع الثالث في الدولة على المراسيم بعد رئيسي الجمهورية والحكومة، عملا بروح اتفاق الطائف، بينما يرى النائب عاصم قانصوه ان الاحتفاظ بوزارة المال، ليس من أجل التوقيع بل من أجل مراقبة الصرف وتوازن الحصص… وآخر الحلول المطروحة ان يمشي القوم بحصرية وزارة المال في هذه الحكومة، أما في الحكومة التالية فيحلّها ألف حلال…