ما بين العاصفة زينة التي غادرت وتركت صقيع، بانتظار وريثتها، فرضت البرودة المتأتية من الحوار الشيعي – السني، الذي شهد تحولا في مساره نحو مزيد من التنسيق الأمني في المرحلة المقبلة، بعد تفجيري جبل محسن وإجراءات وزارة الداخلية في سجن رومية،والجلسات التحضيرية للحوار العوني – القواتي، هدنة سياسية على ايقاع استمرار طغيان الهاجس الامني، بعد تفجيري جبل محسن وما رافقهما من تداعيات خلال الايام الماضية .
فمع استكمال القوى الأمنية إحكام القبضة على الطابق الثالث في المبنى «ب» في سجن رومية، الذي استخدم كغرفة عمليات ارهابية تدار منها اعمال القتل والخطف والتفجير، بدا الحرص السياسي الكبير على وضْع هذا التطور النوعي في اطار النتائج الايجابية للحوار القائم بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، في ظل ادراك الطرفين ان العناوين «الاستراتيجية» من سلاح الحزب ومشاركته بالقتال في سورية، وانتخابات رئاسة الجمهورية لن يبتا الا في إطار حلول اقليمية، وهو ما عبر عنه بوضوح السفير السعودي في لبنان علي عوض العسيري.
من هنا ترى الاوساط سياسية في تأمين حزب الله الضوء الاخضر لتنفيذ الخطة الامنية بقاعا، حيث تنتشر محميات مافيات سرقة السيارات والخطف والارهاب المنظم، ملاقاة طبيعية للغطاء الذي وفره المستقبل ومن خلفه دار الفتوى لعملية رومية.
خطة اكدت المصادر انها تحتاج الى بضعة ايام قبل البدء بتنفيذها، الذي سيكون مباغتا على غرار ما حصل في رومية، باعتبارها من ثمار التفاهمات في الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»بعدما أعطِيت الأولوية لها بإصرار، بعدما استمهلت القيادات الامنية، خلال اجتماع مجلس الامن المركزي برئاسة وزير الداخلية لاجراء بعض التعديلات والاتصالات قبل المباشرة بتطبيقها، نتيجة التطورات التي فرضها انتشار الجيش على الحدود السورية – اللبنانية وما نتج عنه من تعديل لكل الخطط الموضوعة ما يفرض اعادة تقييم للخطة في ضوء المستجدات ومراعاة الاعتبارات الجديدة، فيما ابلغت قيادة الجيش المعنيين ان وحداتها جاهزة لتنفيذ اي مهمة تكلف بها. واشارت المصادر الى ان الانطلاق الفعلي للخطة ستكون باكورته توقيف المتهمين بجريمة بتدعي بعدما رفع الحزب والحركة الغطاء عن عصابات السرقة والخطف وطلب الفديات في المنطقة.
المصادر ارجعت التأخير في تطبيق الخطة الى ان موضوع انطلاقها سيكون على طاولة البحث في الجلسة الثالثة للحوار مع «حزب الله»، في انتظار ما سيقدمه الحزب تحديدا على هذا المستوى ومدى الجدية في دعم الخطة على امل الا تكون كسابقاتها، حيث اطلقت مشاريع خطط كانت تنتهي قبل ان تولد حتى، الا انها اعربت عن اعتقادها بأن المرحلة الراهنة مختلفة بكل المقاييس عن السابق، وتتيح هامشا أوسع لتطبيق الخطة التي قد تكون حاجة للحزب اكثر منها لأي طرف آخر، في ضوء الخطر الارهابي المحيط بلبنان عموما ومنطقة البقاع خصوصا.
وفيما تتواصل التحقيقات في قضية الانتحارييْن طه الخيال وبلال مرعيان والتي أفضت الى توقيفات جديدة لمشتبه في تحضيرهم لعمليات إرهابية، اظهرت التحقيقات مع السوريين اللذين اوقفا عند حاجز وادي حميد وتبين أن أحدهما مجهز بحزام ناسف ومستعد لتفجير نفسه والثاني ينقل مواد لتصنيع أحزمة ناسفة، وبسام حسام نابوش، صحت المخاوف من وجود انتحاريين آخرين جاهزين لتنفيذ عمليات تستهدف ثكنات للجيش وحواجز ومقرات ادارية تابعة له، فيما ذكرت مصادر امنية ان الجيش والقوى الامنية عززت إجراءاتها في مختلف المناطق لا سيما في الشمال والبقاع الشمالي ومداخل الضاحية الجنوبية حيث رفع «حزب الله»ايضاً من مستوى اجراءاته، كما نفذت الاجهزة المعنية سلسلة مداهمات لمخيمات النازحين السوريين في بعض المناطق، بخاصة في البقاع الغربي، حيث توجد بيئة حاضنة لتلك الجماعات.
مصادر امنية كشفت عن صيد ثمين تمثل بوقوع شبكة مؤلفة من اربعة اشخاص، لبنانيين وسوري وفلسطيني، على علاقة مع سراج الدين الزريقات وهيثم السعدي الموجود في عين الحلوة، ومرتبطة بخلية يتنقّل أفرادها بين تركيا ولبنان، تعمل لصالح تنظيم داعش، حيث اعترفوا بعملهم مع منذر الحسن وشادي المولوي، في عمليات التفجير التي استهدفت منطقة شاتيلا وضهر البيدر وصولاً الى تفجير جبل محسن، كاشفين عن وجود مراكز للتدريب على الحدود اللبنانية السورية شمال غرب لبنان، وعن نجاح مجموعة من الارهابيين من جنسيات عربية على الدخول الى لبنان على فترات متتالية لتنفيذ عمليات ارهابية نوعية.
في هذا الاطار، تكشف التقارير عن انتقال الارهابيين الى استراتيجية «الاحزمة الناسفة» بعد اغلاق كل المنافذ المستخدمة في ادخال السيارات المفخخة، ما يشكل انتقالا الى مرحلة اشد خطورة ودقة تستلزم وعيا وانتباها عاليين معتبرة ان البلاد دخلت مرحلة جديدة على صعيد مواجهة الارهاب، ما دفع بالامنيين الى الطلب من بعض السياسيين تعزيز اجراءات الامن والحماية التي يتبعونها في تنقلاتهم وفي محيط اماكن سكنهم.
واكدت المصادر ان المخاوف عززتها «عبوة مجدليا»على اوتوستراد زغرتا – طرابلس، والتي لم يتم التوصل بعد الى تحديد هوية من كانت تستهدف في ظل تعدد الاحتمالات، والتي تبين بصورة اولية ان مجموعة المولوي- منصور تقف وراءها، بعد تحليل نوعية المتفجرات وطريقة اعداد العبوة، ما دفع القوى الامنية الى تشديد اجراءاتها في باب التبانة وتنفيذ سلسلة مداهمات، فضلا عن تشديد الطوق الامني حول منطقة المنكوبين التي يعتقد ان اوسامة منصور يتنقل بين منازلها متخفيا برفقة مجموعة مسلحة.