«تأخّرتم كثيراً»، ونتمنّى أن لا يكون أوان مواجهة إيران في طهران والمنطقة قد فات أوانه، فلبنان والمنطقة العربيّة دفعت ولا تزال ثمن سياسة المملكة العربيّة التغاضي عن المشروع الإيراني الإحتلالي للمنطقة، كلام وليّ وليّ العهد السعودي الأسبوع الماضي في الأفعى الإيرانيّة دقيق، ولكن هذه الصحوة متأخّرة جدّاً لأنها جاءت بعد نشوب الحريق الإيراني في الثوب السعودي، وأخوف ما نخافه أنّ السياسيّة السعوديّة ـ وقد بُحّ صوتنا من التحذير منذ العام 2008 ـ ليست ثابتة وهي تتغيّر بتغيّر القيادة الحاكمة…
في سوريا تركت السعوديّة النظام السوري خنجراً في ظهر العرب منذ الحرب العراقيّة ـ الإيرانيّة، لا يجب أن ننسى ولو للحظة أن العراق حارب عن عرب الخليج كلّهم، مرّة ثانية تركت السعودية إيران تفتك بالمنطقة وتتوسّع وتعمل في الظلام عبر «أحزاب الله» الكويتية والبحرينيّة والعراقيّة، ثمّ سلّمت لبنان على طبق من ذهب للنظام السوري على اعتبار أنّ النار الإيرانيّة ناشبة في الثوب اللبناني، لم يكن ليخطر في البال السعودي خصوصاً والخليجي عموماً أنّ إيران ستتمدّد لتعبث بأمنهم ومصير شعوبهم، وللمناسبة مرّت أعوام ثلاثة ولم تستطع دول التحالف العربي أن تقضي على الحوثيّين «حزب الله اليمني» وتبعد الخطر عن حدود المملكة، لأن إيران تركت أربعة عقود من الزمن تحفر أنفاقها وتبثّ سمومها في المنطقة بكاملها!!
في تشرين الأوّل من العام 2009 حذّرنا في سلسلة مقالات حملت عنوان «يمن خوش هال» من المخطّط الإيراني الذي يستهدف المنطقة برمّتها والسعودية ومكّة المكرّمة والمدينة المنورة بشكل خاص، ومنذ العام 2008 أطلقنا الصرخة تلو الصرخة منبّهين من الخطأ الكبير الذي يرتكبه العرب عندما يتعاملون بأسوب السياسة مع نظام يبني سياسته على أساس عقائدي، لم يشأ أحد لا أن يسمع ولا أن يرى، كتبنا مئات المقالات عن خطورة السياسات المهدويّة لإيران، في طول بلاد العرب وعرضها، وطالبنا مئات المرّات بقراءة الدستور الإيراني والتمعّن في خطورته وأهدافه الخبيثة، استعدنا مئات العناوين العقديّة الإيرانيّة وشعارات الشرق الأوسط الإسلامي الكبير، لم تشأ السعوديّة أن تصغي للمحذّرين من الخطر الإيراني الكبير عليها، لم ترد أن تسمع أن الكتب الإيرانيّة مليئة بعنوان «الموت لآل سعود» إلا عندما خرج عملاء إيران يصرخون بها عبر الشاشات وعلى الملأ!!
منذ هدّد وزير خارجيّة إيران عام 2009 منوشهر متكّي دول المنطقة بقوله: «نحذر بشكل جدي دول المنطقة خصوصاً المجاورة لليمن من التدخل في الشؤون الداخلية لليمن وعليهم أن يكونوا حذرين».. حذّرنا ملايين المرّات «»الموالي الجدد»، أو»البرامكة الجدد» أو «الخراسانيين الجدد»، أو «الصفويين الجدد»، وأنّه تاريخ فارسي «مملّ وقاتل للشعوب العربية» يعيد نفسه بصياغات متعددة ومستميتة لاستعادة ملك فارس وكسرى أنو شروان، وأنّ أخطر ما في هذه المحاولة التي نعيش حقبتها أن «تلبس عباءة ظهور المهدي»، وأنّه هكذا يختلط السياسي بالديني ليتمكن من يريد «إخراس الألسنة» متى انطلقت لتكشف وتحذر مما يحدث بحجة عنوان عريض تختبئ خلفه: «هذه عقيدتنا» لا تخوضوا فيها!!
بُحّ صوتنا ونحن نصرخ ونحذّر ونكتب أنّه «عندما أعلنت إيران عام 1979 حقّها في تصدير الثورة إلى العالم، ارتبك العالم العربي بعد مشاهدته تجرّؤ إيران على إثارة البلبلة في مكة البلد الأمين وفي فناء الكعبة والبيت الحرام، ولكن ما لم يتنبّه له أي متابع سياسي لمسار التمدّد الإيراني في المنطقة العربية منذ ذاك الوقت، وهو أخطر بكثير من عنوان «تصدير الثورة» التضليلي، وأنّ الدستور الإيراني ينصّ صراحة على أنّ إيران قد أصبحت هي «دولة المهدي»، إذ يقول: «في زمن غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه تعتبر ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه» [الدستور الإسلامي لجمهورية إيران/ ص 18].. وأنّه من الغباء الشديد العربي والعالمي أن يتمّ التعاطي مع العقائدي ـ السياسي بقفازات التفاوض الديبلوماسي!!
نتمنّى أن لا يكون الأوان قد فات على نقل المعركة من الحدود السعوديّة إلى قلب طهران، هكذا عنوان يحتاج إلى عقود من التحضير والتخطيط والتدبير، ليس عنواناً يطرح في الإعلام ولا هو مجرّد كلام لا طائل منه يطلقه عارف الكعبي رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة شرعية دولة الأحواز العربية، بتهديد أمن طهران التي قمعت وقتلت وأعدمت كلّ معارضيها الإيرانيين في الداخل وكأنّها لم تسحق عرب الأهواز منذ زمن بعيد.. «صحّ النوم» يا عرب!!