قد يستغرب القارئ هذا العنوان، وفي الحقيقة جاء بعد الدعوة الى اجتماع في الجامعة العربية لبحث الإعتداءات الإيرانية على العرب.
وأبدأ الحلقة الأولى:
لنعد الى التاريخ لكي نقرأ المستقبل عند حرب 1973 اكتوبر/ تشرين الأول المجيدة، والسيئ الذكر اليهودي الصهيوني وزير خارجية أميركا في ذلك الوقت هنري كيسنجر الذي جاء الى إسرائيل لينقذها، وبكى لأنّ العرب بعد حرب 1967 والتي احتلت فيها إسرائيل الجولان السوري وسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية، وشاهد كيف استطاعت الجيوش العربية مجتمعة، وأعني هنا مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية والجزائر إضافة الى التجريدة المغربية وهذا كان اسمها في ذلك الوقت إضافة الى العراق، تلك الدول اجتمعت مع بعضها البعض واتفقت وقرّرت شن الحرب على إسرائيل لاستعادة الأراضي العربية المحتلة.
وبالفعل، استطاع الجيش المصري عبور خط «بارليڤ» الذي كانت إسرائيل تدّعي أنّه لا يمكن أن تجتازه أي قوات وهو أهم خط دفاعي لها، ولكن الجيش المصري حقق هذا الانتصار وعبر الخط، وتحرّكت القوات شرقاً لتحرير شبه جزيرة سيناء.
في المقابل، اجتاز الجيش السوري البطل القنيطرة محطماً خط آلون ووصل الى بحيرة طبريا… وبسبب الدعم الاميركي اللامحدود والجسر الجوّي ومشاركة القوات الأميركية وغارات من الأسطول الاميركي تغيّرت الأحوال.
وأوّل شيء فعله السادات هو قراره إيقاف تقدّم جيشه، وإعلانه في خطاب تلفزيوني «مش عايز أحارب أميركا».
وهكذا استطاع كيسنجر تحييد الجيش المصري، وبقي الجيش السوري منفرداً وحيداً ولولا دخول الجيش العراقي، جيش صدّام، لمساندة الجيش السوري لسقطت دمشق، وما تبقى من القصة معروف، ونعود الى هنري كيسنجر وماذا خطط في عام 1973؟
لقد كانت خطته مؤلفة من بندين:
أولاً: إنهاء الجيوش العربية، وقد بدأ ذلك بتحييد الجيش المصري، ومن بعدها توقيع «اتفاق كامب دايڤيد».
والبند الثاني: خلق فتنة سنّية – شيعية، ومن أجل ذلك جيء بآية الله الخميني، الذي كان هارباً من شاه إيران ويعيش مع عائلته في العراق خوفاً من الشاه، الى باريس وتبنّوا مشروعه، أي مشروع التقية الذي يتمثّل بولاية الفقيه والمهدي المنتظر، واستطاع خلال أشهر أن يصبح حالاً دينية لافتة، وكانت خطاباته توزّع على كاسيتات، ووصل الرقم الى مليون كاسيت كل أسبوع، ولا أحد يعرف من كان يدفع تكلفتها، ومن كان يصرف على إقامته مع جماعته في باريس، وخلال فترة زمنية قصيرة حضّر نفسه للعودة الى طهران بعدما بدأت التظاهرات تجتاح إيران، والجماهير تدعو لإسقاط الشاه، وخلال أشهر طار الشاه وجاء آية الله الخميني.
وبالفعل، منذ اللحظة الأولى أعلن أنه يحمل مشروعاً لتشييع أهل السُنّة، وطبعاً أعلن الحرب على العراق تحت شعار تصدير الثورة الدينية، وكأنّ أهل السُنّة ليسوا مسلمين، وطبعاً استمرت الحرب الإيرانية – العراقية 8 سنوات تخللتها فضيحة «إيران غيت» التي أظهرت أنّ الاميركيين يزوّدون الايرانيين بالسلاح الاميركي لمحاربة العراق، خصوصاً أنّ العراق كان متفوّقاً عسكرياً، واحتل منطقة الأهواز ومناطق أخرى، وجاءت الإدعاءات الايرانية الكاذبة حول «الشيطان الأكبر»، أي أميركا، و»الشيطان الأصغر» إسرائيل، وهي ليست أكثر من شعارات ليسرقوا القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب الأولى.
ومنذ مجيء الخميني والعالم العربي يعيش حال حرب مع إيران، ولم تكتفِ أميركا باحتلال العراق عام 2003 تحت حجج واهية، منها وجود أسلحة الدمار الشامل ووجود «القاعدة» وغيرها، والتي تبيّـن كذبها، والأهم أنها بعد الاحتلال سلمت العراق الى إيران بعد القرار الأول، وهو حل الجيش العراقي، ولا أحد يعرف لماذا كان هذا القرار، ولكن نحن نعلم أنه كان من ضمن مخطط كيسنجر.
وثانياً، تسلمت إيران السلطة وأرسلت قائد قوات «فيلق القدس» في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني ليصبح العراق تحت حكم إيران.
ولم تكتفي إيران بذلك بل استطاعت من خلال التقصير العربي بالنسبة للجنوب اللبناني منذ عام 1982 وبعد الاحتلال الاسرائيلي لأوّل عاصمة عربية هي بيروت استطاعت إيران أن تدخل الى لبنان من خلال إنشاء «حزب الله»، الذي يعتبر تنظيماً دينياً وعسكرياً لها، وقد أعلن السيّد حسن نصرالله أكثر من مرة أنه جندي في ولاية الفقيه، وأنّ هدفه أن يكون لبنان ضمن نظام ولاية الفقيه.
والسؤال الكبير هو ماذا فعل العرب لمجابهة المشروع الشيعي الايراني الذي يريد تشييع العالم العربي؟؟؟
وغداً الحلقة الثانية.
عوني الكعكي