IMLebanon

حسن الجوار  وخريف العتمة

لبنان كان قبل سبعين عاماً، مع حسن جوار: فلسطين الى جنوبه، وسوريا الى شماله وشرقه، والبحر المتوسط الى غربه.

منذ ذلك التاريخ تقلبت الظروف بين النعمة والنقمة: مؤامرة دولية صهيونية على فلسطين، إقتلعت أهلها منها، فخرج منهم من خرج، وكانت الدول الاقرب لبنان والاردن وسوريا.

تحمّل لبنان العبء الأكبر قياسا الى صِغَر مساحته والى العدد الكبير من النازحين الذي وصلوا اليه، النزوح الذي كان يفترض ان يكون موقتا، صار لجوءا وصار عمره سبعين عاماً، وأصبح عدد اللاجئين نصف مليون لاجئ.

***

كذلك مع سوريا منذ بدء الحرب فيها منذ آذار 2011، وفيما لم تضع الحرب أوزارها بعد، فإن عدد النازحين السوريين في لبنان، بلغ مليوني نازح، بين من هم سجلوا في سجلات الأمم المتحدة، ومن هم غير مسجلين.

وكما الدول الفاعلة لا تسهَّل حق العودة للفلسطينيين، هكذا الدول الفاعلة والهيئات الدولية بدأت تشترط تقديم المساعدات للبنان بربطها بتسهيل اندماج السوريين في المجتمع اللبناني من خلال منحهم تسهيلات في التعليم والطبابة وايجاد فرص عمل وتأسيس مصانع وشركات.

وفي مطلق الأحوال فإنه في أكثر من منطقة، وفي غياب الرقابة، فإن النازحين السوريين لم ينتظروا موافقة أحد فباشروا في تأسيس أعمال ووجدوا فرص عمل، وبات الأمر موضع شكوى الكثير من اللبنانيين الى أي فئة أو طائفة أو مذهب انتموا.

***

وهكذا، بفعل المؤامرة على فلسطين، وبفعل الحروب على سوريا، تغيّر حسن الجوار:

يقترب عدد اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين في لبنان، من ثلاثة ملايين نسمة، في مقابل اربعة ملايين لبناني، أي ثلاثة ارباع الشعب اللبناني.

مقارنة بسيطة: عدد سكان الولايات المتحدة الاميركية 323 مليون نسمة، اذا ما دخل اليها نسبة لاجئين ونازحين مشابه لنسبة دخولهم الى لبنان، فعليها اذا ان تستقبل ما يفوق 150 مليون نازح ولاجئ، فهل هي قادرة على هذه الخطوة؟ وإذا كانت أكبر وأقوى دولة في العالم غير قادرة على هذا الأمر، فكيف على لبنان، الوطن الذي حكامه افقروه، وزاد التدهور مع الحروب والمؤامرات المجاورة، فكيف له ان يتحمّل هذا الأمر؟

***

هذه هي الأزمة في بعدها الحقيقي، اما ما عدا ذلك فإلهاءات بلدية ونيابية وحكومية، في ظل عجز مثلث الأضلاع في هذه الدوائر الثلاث: كيف يُطلب من الحكومة ان تعالج الملف الاستراتيجي المتمثل بوجود ثلاثة ملايين بين فلسطيني وسوري على ارض لبنان، فيما هي عاجزة وتدور حول نفسها في ملف النفايات والكهرباء وازدحام السير وسلامة الغذاء؟

للتذكير فقط فإن أزمة الكهرباء ستتحوّل الى معضلة نهاية هذا الاسبوع، بعد أيام معدودة تنتهي العقود مع شركات مقدّمي الخدمات، فماذا سيحدث؟ هل يتم التمديد التلقائي؟ وماذا لو رفضت الشركات أو طالبت بأكثر؟ هل ندخل شهر ايلول في خريف العتمة؟؟