IMLebanon

وداعاً..”ولاية الفقيه”

 

في الاول من شباط ١٩٧٩، حطت طائرة “اير فرانس” في مطار طهران، وكان على متنها الامام الخميني. عشرة ايام زلزلت طهران، وغيّرت وجه منطقة الشرق الاوسط، انتهت برحيل الشاه، وتسلّم الامام الخميني مفاتيح السلطة، لتعلن في ما بعد “بعد استفتاء شعبي، “الجمهورية الاسلامية في ايران”، بأغلبية ٩٤ بالمئة. لعبت شخصية الخميني دوراً مركزياً وأساسياً، خصوصاً وأنه كان يحوز على الشرعية السياسية والثائرة والعلمية. وكان الى جانبه آية الله حسين منتظري الأفقه والأعلم والثوري المتواضع، وجملة من المساعدين المخلصين في مقدمتهم الشيخ هاشمي رفسنجاني ومن الملتزمين العلمانيين واليساريين بالثورة. خلال عقد من الزمن “أكلت الثورة” الكثير من ابنائها، وفي مقدمتهم ابو الحسن بني صدر ومهدي بازركان وغيرهم .

 

قام نظام ولاية الفقيه، وكان الاول من نوعه، وكان على مقاس الامام الخميني. إبعاد منتظري عن الخلافة، أنجز فتح أبواب الخلافة خارج الشروط الملزمة والمنصوص عنها في الدستور مما فتح الباب امام الشيخ علي خامنئي الذي لم يكن عالِماً ولا مجتهداً، لكن هاشمي رفسنجاني مال الى تسميته على اساس انه سيتمكن به من إمساك مفاتيح السلطة خلال فترة انتقالية، ساعده في ذلك السيد احمد الخميني الطامح لخلافة بواسطة خامنئي. لكن خامنئي سرعان ما أثبت انه متمكّن في فنّ الإمساك بالسلطة، وساعدته في ذلك ودعمته “الولاية المطلقة” فاستثمرها حتى آخر حرف فيها. كل هذا ضروري جداً لمعرفة ما يحصل الآن .

 

بداية ، لم تعد منذ الانفجار الشعبي، وربما قبل ذلك بقليل، هناك “خطوط حمراء” لتكسر. توالت الانتقادات وصولاً الى “الولي الفقيه”، الذي كان المسّ به ولو بمسألة صغيرة أمراً جللاً نتيجته نهاية حضور الشخص علناً او في مهنته مهما كان مركزه أو موقعه مهماً. الآن، تم عرض الفيديو على التلفزيون الذي كان سراً من الأسرار منذ تولّى خامنئي منصب المرشد. في هذا الفيديو تأكيد عدم أهليته لمنصب الولي الفقيه لانه ليس مجتهداً ولا عالِماً، وان ما جرى كان بترتيب من رفسنجاني وجنّتي الذي يشغل منصب “رئيس مجلس الخبراء” رغم انه في العقد التاسع من عمره .

 

السؤال الكبير: من سرّب الشريط؟ هل خامنئي من قام بذلك ولماذا؟ وان لم يكن من قام بذلك لماذا سمح ببثه؟ خامنئي يعرف اكثر من غيره ان ولاية “الفقيه المطلقة” انتهت معه. لا يعني هذا سقوط الجمهورية الاسلامية، لكن حان الوقت للتطوير دون تعريض البلاد لزلزال يطيح، خصوصاً وان “الجمهورية مريضة بالفساد، وان عشرة ملايين إيراني يعيشون تحت خط الفقر مما حولهم الى برميل بارود، وان خامنئي نفسه كما ورد في الرسالة التي وجّهها اليه الشيخ مهدي كروبي الذي يعيش في الإقامة الجبرية، مسؤول مباشرة عن الإضرار بسمعة الحرس الثوري بعد ان أغرقه في فساد ضخم” .

 

هذا التطور يفتح الباب لخلافة خامنئي لواحد مثله لا يملك الاعلمية ولا رتبة الاجتهاد، مثل الرئيس حسن روحاني، لكنه يحوز على الخبرة والممارسة اللازمتين، او ابراهيم رئيسي (الذي جاء الى لبنان ليتعرف على الف باء السياسة الخارجية ولو متاخراً في ذلك) بسبب العلاقة الخاصة به. لا يوجد عالِم حتى في قمّ للمزاحمة او الاستعداد للقبول به. كذلك فان ايران لم تعرف حب العسكر كما العرب، لذلك لم تشهد انقلابات عسكرية. ولذلك ايضاً فانه من الصعب جداً ان يقوم جنرال او اكثر من الجيش والحرس بانقلاب عسكري علماً ان حساسية عميقة قائمة بينهما. من هنا فان الجنرال سليماني رغم نفخ صورته مؤخراً يبقى جنرالاً صنع حضوره خارج ايران وبواسطة “ميليشيات شيعية باكستانية وأفغانية وعراقية”، ويبقى “حزب الله” رغم خصوصية علاقته مع ايران بوصفه “الابن الشرعي” لها، جسماً اجنبياً بالنسبة لأغلبية الشعب الايراني.

 

الرئيس حسن روحاني عاد الى الينابيع الاولى للإمام الخميني، “فهدد النظام وضمناً خامنئي بمصير الشاه ان لم يسمعوا ما يريده الشعب الايراني”..التغيير قادم بهدوء او بالانتفاضة..القرار اصبح عند المرشد خامنئي.