عدم الإعتراض على الأسعار يفتح شهيّة التجار على الاحتكار
من يضبط الاسعار هذه الايام؟ سؤال يراود المواطن وهو يرتجف من الغلاء الذي لا يطمئن، فالارتفاع الكبير الذي شهدته اسعار السلع في الفترة الراهنة مستغرب ومخيف في آن، وكل محل ودكان “فاتح على حسابه”، ويصل الفرق في السلع الى حدود الـ10 آلاف ليرة، في ظل غياب الرقابة على الدكاكين الصغيرة التي حققت ارباحاً كبيرة بفعل الازمة الاقتصادية، والمستغرب ان كل دكان يضع التسعيرة التي تناسب ارباحه وليس وفق التسعيرة الرسمية، وهو أمر يؤكده رئيس مصلحة الاقتصاد في النبطية محمد بيطار، جازماً ان “التجار يستغلون كل الظروف لتحقيق ارباح طائلة، وهو امر بات تحت مجهر المراقبة”.
خلال جولاتهم اليومية على السوبرماركت برفقة عناصر امن الدولة، يحاول مراقبو الاقتصاد لجم الاسعار، ووضع حد لجشع التجار، الذين خزنوا البضائع وفق سعر الـ1500 وبدأوا يخرجونها من المستودعات بسعر الدولار الاسود. ويقر بيطار ان هناك من يشتري بضاعته وفق منصة صيرفة ويبيعها وفق دولار السوق السوداء، وهو يسعى الى وضع حد لهؤلاء.
في السوبرماركت تفاجأ بالاسعار، هنا تتعرف على مواطن رمى بعلبة الجبنة بعدما تجاوز سعرها الـ30 ألفاً، وهنا تسمع سيدة تتأفف من الاحتكار والاسعار، تتعرف على وجع الناس، على مواطن لا يقوى على شراء شيء جراء الغلاء الفاحش، تتعرف على نازح سوري يحتار كيف يصرف مساعدة الامم التي تتجاوز الـ8 ملايين ليرة، فهو يشتري كل شيء ويعاود بيعها لاصحاب الدكاكين في الخارج، فالنازحون محظيون، ينالون بطاقة غذاء، وبطاقة طبابة، وبطاقة نقل وتعليم حتى الترويقة الصباحية للطلاب السوريين جاهزة ايضاً، اما اللبناني، فهو ينظر داخل سلة النازح ويترحّم على ايامه.
في السوبرماركت تتعرف على واقع الناس الحقيقي، على مأساة اقتصادية خطيرة، وعلى تجار وضعوا ارباحاً لا مثيل لها، ربما هذا ما دفع بمراقبي وزارة الاقتصاد لتكثيف دورياتهم لكبح جماح التجار ووضع حد لهم، وهو ما يؤكده بيطار، لافتاً الى ان هناك اصنافاً يعمد التجار الى تخزينها لبيعها بأسعار مرتفعة وهذا ما حصل في الـ coop حيث يعمدون الى بيع النسكافيه بالمفرق لكسب 10 مظاريف تباع بالمجان ما يعني بحسب بيطار ان التجار يضيفون الى ربحهم المضاعف ربحاً اضافياً مخصصاً للمواطن بالمجان، لافتاً الى اننا نقف بالمرصاد للتجار. لم تمر مخالفة الـcoop مرور الكرام ويؤكد بيطار انه تم تسطير محضر ضبط بحقها، اذ ليست المرة الاولى التي يسطّر بحقها محضر، في المرة الماضية جرى تشميعها بالشمع الاحمر، كما جرى التدقيق بكل الاسعار الاساسية للتأكد انها مطابقة للسعر الرسمي.
أمام مرحلة اقتصادية صعبة يقف المواطن وقد تحول لعبة بيد التجار، الذين يدولرون الاسعار بطرق ذكية، واللافت انه بين سوبرماركت وآخر تتفاوت الاسعار بشكل كبير، وهو امر يقرّ به الموظفون داخلها، بل يؤكدون ان المواطن يقابلها بتصفيرة، ولكن بحسب بيطار “لا احد يعترض، وهو ما فتح شهية التجار على الاحتكار والذي نحاول وضع حد له، ولكن هل نقدر بـ10 مراقبين فقط؟ ومع ذلك نعمل بكل طاقتنا لكي نحمي المواطن”.
لا تتوقف جولات المراقبين عند السوبرماركت بل تتخطاها الى اصحاب الاشتراك والملاحم ودكاكين الخضار، ورغم كل تلك الجولات، تحافظ الاسعار على ارتفاعها بدليل ان الفارق بسعر كيلو الفروج بين مسلخ ومحل 25 و30 ألف ليرة، وكذلك حال كيلو اللحم الذي ناهز الـ400 والحق هنا دوماً على الدولار، رغم انهم جميعاً يشترون دولاراتهم وفق منصة صيرفة، فمتى تتوقف هذه المسرحية؟