قبَيل بدء كل موجة ارتفاع في الدولار يتهافت المواطنون الى السوبرماركت لشراء السلع وتخزينها تخوّفا من ارتفاع اسعارها، بينما مع تراجع سعر الدولار يكونون في حالة ترقب بانتظار انخفاض الاسعار. وفيما يؤكد المعنيون من موردين واصحاب سوبرماركت ان الاسعار تراجعت ما بين 10 و 25 % لم يلتزم كل التجار بهذه النسب. فكم من الوقت سيكون على المستهلك ان ينتظر قبل ان ينتهي مفعول التسعير وفق دولار 34 الفا؟ وهل نشهد تراجعات قوية على خطى الزيادات الصاروخية؟
رغم التأكيدات بأن اسعار السلع الاستهلاكية تراجعت يبدو ان المواطنين غير ممنونين، والغالبية لا تزال تراقب وتترقّب مزيدا من الانخفاض قد يتجلّى نهاية الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل تماشيا مع تراجع اسعار الدولار. وفي المقلب الاخر، يحاذر التجار مجاراة هبوط اسعار الدولار مقابل الليرة الذي سجل تراجعا بنحو 9 الاف ليرة في خلال ايام فقط. فمن جهة، لسان حالهم يقول انهم اشتروا الدولار على سعر 34 و 35 الفا لذا لا يمكنهم خفض اسعار السلع فورا، ومن جهة أخرى ينتظرون استقرارا ماليا على مدة زمنية محدّدة قبل اللحاق بتراجع الاسعار.
وكانت اولى السلع التي واكبت التراجع سعري المحروقات والخبز، بحيث صدر يوم الجمعة جدولين للمحروقات واستتبع بجدول جديد صباح امس ليصل مجموع الجداول تراجع في سعر صفيحة البنزين 95 اوكتان 15400 ليرة، صفيحة البنزين 98 اوكتان 16200 ليرة، صفيحة المازوت 77400 ليرة، والغاز 68500 ليرة.
أما الخبز، وبعدما تراجع سعر الربطة من 10 الاف ليرة الى 9000 ليرة يبدو ان هناك توجها لرفع زنة الربطة بدلا من خفض سعرها.
كذلك واكبت اسعار اللحوم انخفاض سعر الدولار، فقد أعلن رئيس نقابة مربّي وتجار الدواجن وليم بطرس ان أسعار الفروج (تسليم مسالخ) باتت توازي حوالى 48 الفاً للكلغ، سعر صدر الدجاج 100 الف ليرة واسعار الاجنحة والافخاذ 37 الفا. وفي مقارنة بالاسبوع الماضي فقد سجلت اسعار الفروج 60 الفا للكيلو وما فوق، سعر صدر الدجاج وصل الى 150 الفا، اما سعر كلغ الاجنحة والافخاد فكان يباع بنحو 48 الفا كحد ادنى. أما كرتونة البيض فلن يتراجع سعرها بعد بحيث كانت لا تزال تباع بالامس في السوبرماركت بـ 105 الاف ليرة.
وتراجع سعر اللحوم الحمراء بشكل طفيف، ليسجل سعر الكيلو امس 220 ألفا في بعض الملاحم بعدما كان يباع بنحو 240 ألفا الاسبوع الماضي. أما المحلات التي تعتمد البيع وفق سعر الدولار الآني فلا شك ان أسعارها تراجعت اذا ما احتسبت بالليرة اللبنانية، ولجأت بعض المتاجر الى اجراء الحسم الفوري على الصندوق تماشيا مع تراجع الدولار.
الخضار.. ما مصيرها؟
ماذا عن اسعار الخضار؟ وهل تشهد تراجعا في الاسعار بعدما حلقت الاسبوع الماضي متأثرة بارتفاع سعر الدولار؟
في هذا السياق، يقول رئيس تجمع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي انه من الطبيعي ان تتراجع اسعار المنتجات الزراعية مع تراجع سعر صرف الدولار من 33 الفا الى 25 الفا. ولفت الى ان بعض اصناف الخضار والفاكهة ستتراجع اسعارها بينما البعض الاخر قد ترتفع اسعاره بسبب موجة الجليد في الجبال التي قضت على قسم كبير من المنتجات الزراعية لا سيما في شمال لبنان مثل عكار ووادي خالد وطرابلس وحتى البترون. واشار الى ان تدني درجات الحرارة قضى على قسم كبير من البيوت البلاستيكية عدا عن ان الصقيع والجليد يحدان من انتاجية النبتة. وتوقع تراجعا في اسعار المنتجات المخزنة في البرادات مثل التفاح والعنب والبطاطا والبندورة بينما الكوسى والخيار والباذنجان واللوبية فلن تتراجع اسعارها في القريب العاجل إنما ستخضع للعرض والطلب، وبما ان العرض اقل من الطلب فستبقى الاسعار مرتفعة لا بل ستكون معرضة لمزيد من الارتفاع. وتابع: لسوء حظ اللبناني ان هذه الاسعار ورغم ارتفاعها لا تزال تباع اقل مما تباع فيه في الدول المجاورة مثل الاردن، اذ رغم فتح وزير الزراعة باب الاستيراد لكفاية حاجة الاستهلاك المحلي لم يصلنا اكثر من 3 برادات من هناك في حين كنا نستورد بما لا يقل عن 20 شاحنة يومياً.
مهلة لتراجع الاسعار؟
يعتقد البعض ان تراجع الاسعار الفعلي للسلع يحتاج أقله الى 10 أيام شرط ان يحافظ خلالها سعر الدولار الاسود على تراجعه، فهل من مدة زمنية طبيعية قبل ان تتراجع اسعار السلع؟
يؤكد رئيس جمعية المستهلك زهير برو انه مقابل تراجع سعر الصرف في السوق السوداء لم يسجل اي تراجع مهم في اسعار السلع الاستهلاكية، فقد تراجع الدولار 28% بينما الاسعار لم تنخفض الى هذه الحدود لا بل ان معظمها لا يزال على حاله والبعض الاخر زاد.
وأكد انه في جميع الاحوال لا يمكن تحديد نسبة التراجع لأن لا معايير او مقاييس موحّدة يمكن اعتمادها مع ما يحصل اليوم، والكل يَعي ان تراجع سعر الصرف هو مؤقت وان الاسعار ستعاود الارتفاع وان هذا الوضع غير المستقر مستمر على هذه الحالة، لذا حان الوقت لمقاربة موضوع الاسعار والتسعير من منظار مختلف اذ لا جدوى من ملاحقة سعر الصرف وكيف ستتأثر فيه اسعار السلع، انما الاجدى البحث عن اسباب المشكلة ومعالجتها وأفضل الوسائل للخروج منها.
واعتبر ان أبرز اسباب المشكلة تكمن في غياب السلطة التشريعية والتنفيذية عن القيام بواجباتها واقتصارها على حماية المصارف وكبار التجار بدل حماية الشعب المنهوب. وعدّد 3 حلول يجب اعتمادها فورا للخروج من هذه الأزمة وهي:
اولاً: فتح البلد للمنافسة، داعيا المغتربين اللبنانيين وهم كثر للدخول بمنافسة مع التجار والكارتيلات الحالية، والمشوار يبدأ بالتنافس على صعيد الضيع والمناطق ولو بأموال قليلة انما كفيلة بضرب الاحتكارات والتي هي في غالبيتها تعود لسياسيين.
ثانياً: توزيع الدولارات على المواطنين بدل اعطائها للتجار، اعطاء المودعين اموالهم بتقسيط شهري بالدولار من شأنه ان يغذّي السوق بالدولارات والتخفيف من الأزمة والحدّ من ارتفاع سعر الصرف.
ثالثاً: اقرار قانون المنافسة في مجلس النواب.