IMLebanon

حكوميّاً الحركة بلا بركة!

 

 

«عندما تصبح هناك نية لاعتماد معايير واحدة، عندها تتألّف الحكومة». هذا الموقف لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس، يدلّ الى أن «لا جديد» في المواقف، والى تَمسّك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه بموقفه حكومياً، رامياً «كرة التنازل» لكي تُبصر الحكومة النور في ملعب الرئيس المكلف سعد الحريري.

بعد أن جمّدت معركة البيانات بين عون والحريري عملية التأليف دستورياً، برزت حركة «داخلين» على الخط الحكومي، من الداخل والخارج. لكن هذه الحركة لا تعدو كونها حتى الآن «استطلاعاً» وحَضّاً للطرفين على الاجتماع والتوافق والتأليف، بحسب مصادر مطلعة، حيث أنّ مفتاح الحكومة في أيدي عون والحريري حصراً، ولا يزال كلّ منهما متمسّكاً برأيه ومصرّاً على صحة وجهة نظره.

 

وترى مصادر معنية أنّ «المهتمّين» بالدفع الى الحلحلة، ليس في يدهم إلّا «التمني» وليس أكثر، فـ»من يُمكن أن ينجح حيث فشل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حتى الآن، على رغم مبادرته العملية سياسياً ومالياً والمدعومة أوروبياً والمُغطّاة أميركياً؟».

 

كذلك يؤكد العاملون على خط التسهيل حكومياً، أنّ الحل بالاتفاق النهائي بين عون والحريري وفقاً للدستور. ويعلنون من جهتهم أنّ حركتهم «معنوية تحفيزية» أكثر ممّا هي «عملية». فالراعي الذي دخل أخيراً على الخط الحكومي، حيث التقى كلّاً من عون والحريري وباسيل، أكد من القصر الجمهوري أمس أنّه لم ينقل رسالة من الحريري الى عون. وأوضح أنّه طلب من الحريري أن يستمع منه الى أسباب التأخير في تأليف الحكومة، وأنّه نقل هذه المعطيات الى عون واستمع الى وجهة نظره.

 

وفي موقفٍ لافت، أكد الراعي أنّه لم يلمس في حديثه مع عون أنّه متمسّك بالثلث المعطّل في الحكومة، وهذا على عكس المتداوَل من أكثر من جهة معنية بالتأليف، خصوصاً من الحريري شخصياً، وفق ما أعلن في بيان الأسبوع الماضي.

 

هذا يعني، بحسب مصادر مطلعة، أنّ عون تراجع عن هذا المطلب في خطوة تسهيلية أو أنّ هذا لم يكن مطلبه أساساً وكان هناك «سوء فهم» بينه وبين الحريري، أو أنّ هناك مناورة على هذا المستوى، أو ربما الاتهامات التي تُطاوِل عون غير صحيحة وتأتي في سياق الحرب عليه لتقليص دوره في التأليف. وفي كل الحالات «إنّ غداً لناظره قريب»، لكن لو كان هناك تراجع من أي طرف لكان تَظَهّر، ما يعني أنّ هناك قطباً مخفية، أو رغبة لدى أحد الطرفين أو كليهما في الانتظار الى أن يَطرأ تبدُّل ما يميل الدفة الحكومية لمصلحته، في ظلّ الاحتمالات المفتوحة في المنطقة مع تبدُّل الإدارة الأميركية.

 

حتى انّ العرب قلقون من الوضع في لبنان ومتفاجئون من هذا التعاطي حكومياً، ما دفعهم الى التحرّك، لكن من دون أن يكون بين أيديهم أي «مبادرة». وانضَمّوا الى قافلة موجّهي الكلام القاسي للسياسيين اللبنانيين المعنيين الذين لا يتحمّلون مسؤولياتهم. وعبّر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي عن ذلك، خلال زيارته أمس الأول للبنان موفداً من الأمين العام للجامعة، لِعَرض المساعدة. وأكد «أنّ ما أتينا به لا يُعتبر مبادرة»، موضحاً أنّ «هناك مسؤوليات وأحداث تقع على أكتاف المسؤولين والسياسيين في لبنان الذين يتعيّن عليهم حلّها بأنفسهم. وأنّ الجامعة العربية في كلّ الحالات لن يكون دورها بديلاً من أي طرف لبناني، لكنها ستكون طرفاً مساعداً اذا كان اللبنانيون راغبين في ذلك».

 

وترى مصادر مطلعة أنّ زيارة زكي هي «استطلاع أمر»، وللقول إنّ «الجامعة العربية موجودة»، معتبرةً أن لا آمال مُعلّقة على هذه الحركة، مؤكدةً أنّ المفتاح موجود، هذه المرة في الداخل، وهو الذي يُمكن أن يفتح الأبواب الى الخارج وليس العكس، وأنّ الحلّ الوحيد هو تراجع كلّ من عون والحريري «خطوة الى الوراء».

 

وتشير هذه المصادر الى أنّ كلّاً من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يَتّكئ على الدستور و»حقه» الدستوري. والى الأسباب المعلنة عن تمسُّك كل طرف بوجهة نظره، تفيد معلومات أنّ منطق الحريري يقوم على أنّ الدستور مَنحه صلاحية تأليف حكومته، وأنّه سيُحاسَب وحكومته في مجلس النواب، حيث أنّ المسؤولية الأكبر تقع عليه.

 

وعلى رغم كلّ الحركة الدائرة حول «ترطيب» الأجواء بين عون والحريري، وتلك الدافعة الى جمعهما أو «الوساطات التقليدية» التي تجترح حلولاً وسطية، ترى مصادر مطلعة أنّ الحكومة مرهونة بتطلُّع أكثر من فريق الى «المستقبل البعيد»، على رغم من أنّ هذا المستقبل مُعرّض للاختفاء، وإلّا لَما تعذّر الحلّ الوحيد البديهي والمعروف، وهو تنازُل جميع الأطراف.

 

وبسبب غياب أي نور حكومياً، ما زال رئيس مجلس النواب نبيه بري»متشائماً» وما زالت محرّكاته مُطفأة. ويُشير قريبون منه الى أنّ رؤيته للحلّ هي «اعتبار الأفرقاء كافة أننا خصوماً وليس أعداء، فهناك في البلد شركاء ولا توجد عداوة، وأننا في بيت واحد حيث إذا تراجع أخ لأخيه للحفاظ على البلد لا يكون قد انكسر. وبالتالي، الحلّ هو بالرجوع الى الوراء خطوة من هنا وخطوة من هناك».