Site icon IMLebanon

صراعات على مركز الرئاسة المقبلة تواكب آفاق حكومة جديدة

 

أمّا وقد دخل العهد في مرحلة نهاياته المتمثلة زمنيا بسنتين متبقيتين من عمره المديد. وأما وأن هذا «العمر» لم يعد مديدا بعد أن انقضت منه أربع سنوات كان المفترض أن تكون سنوات «إصلاح وتغيير» توطئة لأيام افترضها كثيرون أنها ستذهب بالبلاد إلى بدايات مرحلة تعيدها إلى بعضٍ مما كانت عليه قبل سنوات هذا العهد، من تماسك وتآلف وازدهار.

 

وبالرغم من أن تصريح الرئيس سعد الحريري بالأمس والذي أطلقه في إطار من المفاجأة السارة والقول المشرق الذي اشتاق إليه اللبنانيون بعد طول تعذر.

 

ها نحن ومنذ أيام نمعن في الغوص في أيام سوداء تتحول فيها الخصومات السياسية والشخصية والحزبية من واقع إلى آخر، يتمثل به عنوان معبّر عن المرحلة الجديدة التي انقلبت فجأة من خصومات سياسية وحزبية وطائفية عنوانها الأبرز، تلك المحاصصات والمشاكسات والأوضاع السلبية التي لم تُبقِ للمواطن ما يقيه من معاناة الجوع والإفلاس، وما يحرمه من أدنى متطلبات العيش الكريم الذي ابتلعته عصابات لم تترك له حتى أمواله المودعة في المصارف، فانتقل غالبها بقدرة قادر إلى مقرات مصرفية خارجية، ينعم ذووها بشتى صنوف الخير العميم.

 

أما عنوان المصارعات الجديدة التي اقتحمتها بالأمس تصريحات الرئيس الحريري ذات الملامح الإيجابية، فأبرز ما يصل إلى المواطنين من صخبها وتناطحها وحشرجات الأصوات الناشئة عنها، ذلك الصراع الحاد على المنصب الرئاسي الأول، بين عدد من الزعماء والقادة، بعد أن هبّت رياح الرئاسة الأولى وباتت النظرة العطشى إلى كرسيّها الذي اقتصرت مسافاته المتبقية على سنتين أثنتين من البعد الزمني، وهكذا هبّت عواصف المقابلات التلفزيونية واللقاءات الإذاعية والصحفية ووسائل التواصل الإجتماعي، وطغت في صفوف الرأي العام اللبناني مساجلات شديدة العنف والخصومة والإندفاع، كل منها نهض إلى نشاط مستجدّ، عالي النبرة، قاسي الإنتقاد، شديد الطموح إلى ذلك الموقع الرئاسي الخلّاب والجذاب، فالمطلوب كرسيٌّ رئاسي ديمومته ست سنوات، كلٌّ يأمل بأن تكون من نصيبه وأن تكون زاخرة بهذه الطموحات اللبنانية للنهوض من كوارثها الإنحطاطية ومصائبها الحياتية، وغوصها اللامحدود، في غياهب التدحرج إلى مواقع الدول الأكثر تخلّفا والأشدّ انحدارا. المواطن اللبناني، الذي لطالما تبوّأ المواقع والمراكز المتقدّمة والمتفوّقة وكانت دولته تحتل المراكز البرّاقة بنجاحاتها في الداخل اللبناني وفي خارجه وخاصة منها تلك المواقع المتّسمة بصفات التفوق الحضاري والإنساني والفكري والتكنولوجي وكان له في إطارها جملة من المواقع البارزة في أهمّ مناطق دول هذا العالم، وكم يسوؤه في هذه الأيام السوداء، ما وصلت إليه أحوال وطنه ومواطنيه، بعد أن أُفرغت جيوبهم من أموالها، وطغت دولتهم ومصارفهم على جنى أعمارهم، كبيرها والصغير، ها هم زعماؤنا البارزون، يتزاحمون من حول ذلك الكرسي البراق واللماع، وها هو بعضهم، بعد أن استطاب طعم السلطة ونتاجاتها في الجيوب وحسابات المصارف الخارجية، يغرق في الإندفاع نحوها بشتى صنوف الوسائل والتبريرات، وبعضهم لا يأبه إن كان نهجه يكتسح مزيدا من المواطنين، وإن كان فعله يؤدي إلى مزيد من الخراب والدمار في شتّى مسالك الحياة والوجود، وشعاره في مسيرته المستجدة: أنا الوطن وأنا المواطن الأول، وما تبقى من حصيلة الإندفاع والصراع المستميت نحو السلطة، لا أهمية له ولا لبقايا الناس التي تلفظها إلى الشوارع والأزقة ومكبات النفايات وظلمات الحياة، بأقسى درجاتها، طالما أن زعامته الرئاسية المندفعة، ستؤمن له شتّى أنواع البروز والطموح. هؤلاء هم طلاب العلى الأساسيون في هذه الايام العوجاء، التي لطالما ترقبنا لها إصلاحا تحدثه جماهير الناس في هذا البلد المعاني والمكابد، فإذا بنا في الواقع، أمام وطن مقسم إلى أوطان وطوائف ومذاهب وكيانات متباعدة ومتخاصمة وأحيانا متشابكة ومتواجهة، نقول ذلك، رغم تفاؤلنا بتلك الإنتفاضة الشعبية الشاملة التي اندلعت في العام 2019، إضافة إلى الإنتصارات الطلابية في انتخابات الجامعات في العام 2020، ومع تحفظنا وأسفنا لما آلت إليه جموع المتظاهرين في شهر تشرين من العام 2019، إلاّ أننا سنبقى منفتحين ومبتهجين بباب الأمل الذي فتحته هاتان الظاهرتان، مركزين بشكل خاص على الإنتخابات الطلابية الجامعية، وما حقيقته من نجاحات أضاءت سيلا من الظلمات والمظالم التي تسود بلادنا في هذه الأيام المأساوية.

 

عنوان هذه المرحلة التي أشرنا إليها ودقق5نا في خصائصها أطلّت على البلاد في هذه المرحلة التي أفرزت للوجود، منافسات عديدة الوجوه والصفات المغرقة في قساوة «خصوماتها». أخشى ما نخشاه أن نصل إلى مرحلة لاحقة، لا وجود فيها لأحد، الّلهم إلاّ لجهنم التي سبق أن أشار إليها فخامة الرئيس، فالطريق الإنحداري الذي نندفع في مجاريه، لا يمكن أن يوصلنا إلاّ إلى فراغ مذهل أبرز ما فيه أن وجوده البرّاق كان إسمه لبنان، ورغم كل هذه النزعات التشاؤمية، سنأمل بخير قريب يصل إلينا… هدية الميلاد والأعياد، تستعيد بها مسالك الحياة الطبيعية، «قولوا نشالله».