Site icon IMLebanon

وَعْدُ الولادة و”القيمة المضافة”

 

لا يَسقُط القول المأثور “وعْد الحُر دَيْن” لمجرد أن حكومة “ذات الرأسين” لن ترى النور قبل ولادة المسيح، ولا مع بزوغ “نجمة صبح” تهديهما كما اهتدى المجوس الى مغارة رسول السلام.

 

ما سقط حُكماً، خطأُ التوهم بأن الرئيسين من الأحرار، وأنهما يمتلكان خياراتهما وغير مرتهنين لحسابات شخصية وفئوية وطائفية تحكَّمت بصفقتهما الرئاسية، التي أذاقت المواطنين المرارات منذ بدء العهد المشؤوم وعلى امتداد حكومتين، لا فرقَ عند المواطن الموجوع فشلتا أو أُفشلتا.

 

كلنا كنا نتمنى البشائر السارة خصوصاً حين تتزامن والأعياد. فالبلاد لا تخلو من أهل اختصاص واحترام كان يمكنهم مباشرة المسؤوليات لو تمَّ انتزاع الوليد من رحم المنظومة قبل ان يلتف عليه حبل سرة المحاصصة. لكن كيف لهؤلاء الوزراء ان ينجزوا اذا تشكلت الحكومة الموعودة بعد الأعياد في ظل أهل متناحرين وبيئة لا تحضن وتربي إلا مارقين وفاسدين؟

 

لن نرسم مسبقاً صورة سوداوية لحكومة ينجبها أهل المنظومة المتحكمة برقاب اللبنانيين حتى ولو قرفنا من الوعود التافهة والكلام الفضفاض. فأي حكومة جديدة هي أحسن حتماً من تصريف الأعمال. والضغط الفرنسي وانفضاح الارتكابات أمام الرأي العام سيرغمان، عاجلاً أم آجلاً، المتحاصصين على الإتيان بنوعية وزراء أفضل من سارقين رتعوا في حكومات سابقة وتافهين أتى بهم حسان دياب.

 

لن تكون المشكلة مطلقاً في الوزراء، بل في من يديرهم مباشرة او من خلف ستارة الاختصاص. ذلك ان المافيا نفسها التي استولت على مقدرات البلاد منذ ثلاثة عقود تعاود تجربتها بوقاحة رغم ثبوت هدرها ونهبها وتسببها بإفلاس البلاد، وسنكون سُذَّجاً لو اعتقدنا ان الوزراء الأوادم سيتمكنون من اخراجنا من عنق الزجاجة ما دام مشغّلوهم حاضرين في الرئاسات، والأتباع يفسدون في الأجهزة الأمنية والادارات والقضاء والمصارف ومصرف لبنان، وما دمنا عاجزين عن اعادة تكوين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتغيير ساكن بعبدا بالعودة الى صناديق الاقتراع.

 

نبصم على بياض للذين تحدثوا عن “قيمة مضافة” لدى كل مرشح لتسلم حقيبة وزارية في الحكومة العتيدة، فهي واجبة في أي متقدم لمهنة حاجب أو رئيس. لكننا نسأل عن القيمة المضافة التي يقدمها رئيس جمهورية مُنتقص الهيبة وهزيل المناعة “اذا حضر” وترأس مجلس الوزراء، او تلك التي يتمتع بها رئيس حكومة فقدَ ميزته “الخليجية” التفاضلية وتحول سياسياً كسائر أترابه في لبنان.

 

لا تملك منظومةٌ تزاوج الميليشيا والفساد الا “قيمة سلبية” تضفيها على اي تركيبة حكومية تنشد الاصلاح والانقاذ. واللبنانيون، الذين اختبروا تلك المنظومة، من سرقة مكنسة في الادارة حتى فجيعة انفجار 4 آب ومحاولة ضرب التحقيق العدلي، كانوا يستحقون استقبال عامهم الجديد متحررين من أدرانها وتاريخها المملوء بالسواد، وإذ ما في اليد حيلة، فليس امامهم مع ولادة المخلص الا الأمل والاصرار على رحيل كل رموزها لنخلّص لبنان.