Site icon IMLebanon

مطلوب من السياسيين إنقاذ الوطن وتشكيل حكومة إصلاحية

 

إن شهر رمضان المبارك يُدخلنا في رحاب الله لننعم بفيوضات الرحمة الإلهية فنحل ضيوفاً كراماً عند الباري عز وجل، وهو الكريم الرؤوف الرحيم القائل: «الصوم لي وأنا أجزي به». فحري بنا ونحن في شهر الرحمة والمغفرة أن نكون عند حسن ظن ربنا بنا، متقين صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين، عاملين بالبر والمعروف، ناهين عن المنكر، فنغتنم فرص الخير في هذا الشهر ليكون صيامنا عملية صقل لشخصيتنا لنهذبها بالصيام، ونتقي الله في القول والعمل امتثالا لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، فالتقوى هي أبرز مقاصد الصوم ولا يمكن أن نتقي الله تعالى إذا لم يتعمق الإيمان في نفوسنا فتكون التقوى هي المعيار الذي يُحدد توجهاتنا ومواقفنا وسلوكنا، مما يحتم أن نقتدي بالأنبياء والصالحين فيكون رسول الله (ص) وائمة أهل البيت (ع) قدوتنا وقادتنا نسير على نهجهم ونلتزم تعاليمهم فهم الإدلاء إلى الله وأهل التقوى والورع فلا يضيع من عمل بهديهم ولن يضل من تمسك بنهجهم.

 

إن الصوم فريضة ربانية أرادها الباري عز وجل أن تكون، والصيام مدرسة تربوية تسهم في صناعة الإنسان الرسالي الذي يملك صفات الأنبياء والمرسلين في الصبر والتضحية والورع عن محارم الله تعالى. ومعاني الصوم تتجسد في نفوسنا فعل خير وعملا صالحاً من خلال بر الأيتام، وصلة الأرحام، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وعلينا أن نجهد ليعم الخير كل الأنام، ولا سيما أن أهلنا وإخواننا في الوطن يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة في ظل جائحة «كورونا» وأولى واجباتنا أن نتضامن معهم ولا نتخلى عنهم.

 

إن تقوى الله في العمل السياسي تستدعي منا أن نعمل لما فيه صلاح امتنا لتكون خير أمة أخرجت للناس، لذلك لا بد أن نوحد صفوفنا، ونلم شملنا، ونرأب صدعنا، فنتضامن في ما بيننا (عرباً ومسلمين)، ونتمسك بعناصر قوة الأمة، وفي طليعتها الوحدة والاعتصام بحبل الله تعالى، والتعاون على البر والتقوى، ونبذ الإثم والعدوان، وعلى العرب والمسلمين أن يتقاربوا ويتعاونوا ليوقفوا نزيف الدم في العراق وسوريا واليمن، ويدعموا الحل السياسي القائم على الحوار والتفاهم، وعليهم أن يعيدوا تصويب البوصلة باتجاه فلسطين، قضيتهم الأولى في النصرة والدعم حتى دحر الاحتلال وإنقاذ المقدسات من المحتل الإسرائيلي.

 

إن ما نشهده اليوم في وطننا الحبيب من حصار اقتصادي وعقوبات جائرة ودعم  استعماري لطبقة سياسية فاسدة أمعنت نهباً للمال العام من خلال المحاصصة، وسرقة أموال المودعين، وأعمال السمسرة والرشى والصفقات بالتراضي، حتى وصلنا إلى أسوأ مرحلة يراد فيها إخضاع اللبنانيين للقبول ببيع البلد وإخضاعه لقوانين التفليسة الدولية التي ترعاها الإدارة الأميركية وحلفاؤها الصهاينة، ويبقى الهدف الأول والأخير هو استعادة معنويات جيش العدوان الصهيوني التي داستها إقدام مقاومين شرفاء انتفضوا لكرامة وطنهم وبذلوا أرواحهم دفاعا عن وطنهم وشعبهم.

 

ونحن إذ نُؤكد رفضنا التنازل عن حقوقنا في ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الصهيوني،  فإننا نرفض الخضوع للضغوط والعقوبات والتهديدات في الرضوخ للتوطين، ونرفض وندين  كل إشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، وندعو شعوبنا المقاومة إلى التمسك بحقوقها وعناصر قوتها والصمود بوجه التحديات والمؤامرات.

 

ونطالب السياسيين في لبنان بالارتقاء لتضحيات شعبهم، فيعملوا لإنقاذ وطنهم وتوفير مقومات عيشه الكريم فيشكلوا حكومة إنقاذية إصلاحية تنهض بالاقتصاد الوطني وتحفظ النقد الوطني وتعيد المال العام المنهوب ليكون سندا لاقتصادنا بعد الإفراج عن أموال المودعين في المصارف.

 

وكل عام ولبنان والعرب والمسلمون بألف خير، ونسأل المولى أن يتقبل صيام الصائمين وأعمال العاملين ودعوات الصادقين.

 

* رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.