IMLebanon

«سبت» تصريف الأعمال

 

 

عند المُسلمين «الضرورات تُبيح المحظورات». وعند المسيحيين، أسقط السيّد المسيح عقيدة التنبلة يوم السبت، سائلاً اليهود: «من منكم إذا سقط ولده يوم السبت في البئر يتمنّع عن إنتشاله منها؟». والأمثلة الإنسانية كثيرةٌ في هذا المجال.

 

أما في لبنان، فحكومة تصريف الأعمال مُستقيلةٌ من التصريف! رئيسها الدكتور حسّان دياب يقول إنه يُريد قانوناً لحراكٍ من هنا وآخر من هناك. وكأنّ أيّامها كلّها «سبوت».

 

الواقع أنّ الناس، في لبنان، قد لا يسقطون في الآبار، ولكنّهم يسقطون، يومياً، صرعى الفلتان في الأسعار. وحتى الذين، بينهم، يرتضون إرتفاع الأسعار ولديهم قدرة التعامل معها، يتعذّر عليهم إيجاد السلع الغذائية والضرورية التي بلغت ذروتها في تغييب حليب الأطفال ولحوم المواشي والدجاج وأيضاً المحروقات. وهذه  كلّها فُقدَت من المتاجر ومحطّات الوقود.

 

لسنا ندري تحت أيّ ذريعة يحدثُ ذلك، سوى الإحتكار والجشع والطمع، حتى ليصحّ القول: إنّ اللبناني يأكل أخاه. وهذه ظاهرة ليست جديدة، ولكنّها لم تبلغ، من قبل، هذا المستوى المروّع من فقدان أدنى معاني التعاضد الإنساني. صحيح أنّ هناك نقصاً في تلك المواد، ولكن تخزينها بانتظار رفع الدعم عنها لجني المال الحرام، هو ما يُفاقم هذه الأزمة المُفتعلَة في نموذج فجّ عن أقبح وجوه الإنحطاط الخلقي.

 

في سياقٍ موازٍ، حدَث في عطلة نهاية الأسبوع أن سجّل الدولار الأميركي إرتفاعاً مُذهلاً قدره نحو 800 ليرة في ساعات معدودة (من 1200 إلى نحو 2000ل.ل.) ليعودَ في مطلع الأسبوع الحالي إلى نحو 13 ألفاً.

 

السؤال البدهي: أين هي الحكومة وماذا تُصرّف من أعمال إذا كانت تقف متفرّجة على هذا الإنهيار الذي يجرف اللبنانيين إلى مهاوي الجوع والقهر والإذلال؟

 

ماذا تُصرّف حكومة تصريف الأعمال؟ وأين؟ وكيف؟ وما هو تفسير عبارة «تصريف الأعمال» بالمفهوم الضيّق؟ وهل كرامة الناس، وجوع الناس، وفقر الناس وفقدان الغذاء والدواء يحتاج إلى خبراء دستوريين، أو قوانين مُعجّلة مُكرّرة، ليتحرّك الوزراء الذين وصل معظمهم، ذات ليلة «ما فيها ضو قمر»، إلى حيث هم يتربّعون؟

 

بالله عليكم من هم الجهابذة والعباقرة الذين ينصحونكم كي تبقوا واقفين تتفرّجون على هذا الإنهيار؟ نودّ أن نؤكّد أننا لا نتّهمكم بالتسبب به، ولكننا نتّهمكم علناً بأنكم لا تعملون شيئاً ولا تُحرّكون ساكناً لمواجهته.

 

وإنها لمسؤولية كُبرى.