IMLebanon

نسف الحكومة بالقضم العوني

 

تأكد المؤكد بالنسبة إلى كثيرين، وفي عدد من العواصم المعنية بمتابعة أزمة تأليف الحكومة: الفريق الرئاسي لا يريدها، بصرف النظر عما يعلن على طريقة القول “لا”، في معرض القول “لعم”. وهذا الفريق لم يغادر خياره بالتخلص من الحريري معتمداً على الترويج بأن في فرنسا هي من تتحدث عن خيار حكومة تشرف على الانتخابات النيابية، يرأسها غيره. هذا في وقت نصحت باريس الرئيس المكلف بمواصلة جهوده لإنجاز الحكومة بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري.

 

لم يخذل هذا الفريق توقعات المتشائمين حيال موقفه وخلفياته، على رغم أن بعض طيبي النية وجدوا في وساطة رئيس البرلمان نبيه بري باباً للخلاص، لأنه يتسلح هذه المرة بالتزام علني من “حزب الله” لوساطته. هذا الالتزام لم يشمل نية ممارسة ضغوط على الحليف العوني بعد.

 

مجرد اختراع الفريق الرئاسي صيغة الخانات عن توزيع الحقائب على الطوائف وعن الجهات والكتل النيابية التي يجب أن تسمي الوزراء، هو خروج عن المبادئ والمقاييس التي بنى عليها الرئيس المكلف سعد الحريري التأليف، ينسف مبدأ حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين التي يؤيدها بالفم الملآن الرئيس بري. وهو نسف للمبادرة الفرنسية. الهدف تجزئة التنازلات عن مبادئ التأليف، من أجل قضم التحوير المخطط له لشكل ومضمون الحكومة، بحيث تصبح حكومة تكنو سياسية بحكم الأمر الواقع. والإصرار من قبل الفريق الرئاسي على أن تكون من 24 وزيراً هي ملاقاة لاقتراح التكنو سياسية، عبر تسمية الكتل لوزراء. وهو وسيلة لرفع عدد الوزراء المسيحيين بحيث يُطرح مبدأ رفض تسمية الرئيس المكلف السني لوزيرين منهم، تحت حجة الإتيان بإداريين، لافتعال مشكلة مسيحية سنية، في وقت يجري الافتئات على صلاحيات رئيس الحكومة منذ اليوم الأول لجهود التأليف.

 

يأمل أصحاب الشروط الممسكين بالتوقيع على مراسيم الحكومة بقضم الحكومة خطوة وراء أخرى، من أجل ضمان الثلث المعطل في الحكومة للتحكم بقراراتها، إزاء أي فراغ رئاسي محتمل سواء قبل انتهاء الولاية أو عند انتهائها.

 

مع أن الحريري لم يمانع في الانتقال من صيغة الـ18 وزيراً إلى صيغة الـ24 وزيراً، فإن ما يحاذر الانزلاق إليه، إضافة إلى ضرب الدستور بعرض الحائط في آلية تشكيل الحكومة، هو أن يكون قضم رفع العدد مقدمة لقضم مبدأ آخر هو إسقاط حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين، التي تعيد الحكومة إلى براثن الثلث المعطل، يقضمه الفريق المعطل عبر حصر حق تسمية وزيرين مسيحيين برئيس الجمهورية. هذا فضلاً عن أن الحديث عن توزيع الحقائب على الطوائف معطوفاً على تسمية الكتل للوزراء، هو قضم لحقائب يرفض المجتمع الدولي أن يتولاها فرقاء محددون، لا سيما إذا كانوا مقربين من الفريق الرئاسي، أو تولى وزراء شديدو الالتزام مع “حزب الله”، بعضها. في هذه الحال لا فرنسا ولا أي دولة ستقدم أي مساعدات مالية كما تبلّغ من يلزم في الأيام القليلة الماضية.

 

مناورات الفريق الرئاسي لإحباط مبادرة بري، بعد التفويض العلني له من قبل “حزب الله”، تتدرج في القضم، نحو الدعوة إلى مؤتمر حوار وطني من قبل رئيس الجمهورية، يريده النائب جبران باسيل، من أجل الجلوس بندية مع أقطاب السياسة الآخرين على رغم استمرار خضوعه للعقوبات الأميركية، وللإيحاء بأنه يتساوى معهم في حال سيخضع لعقوبات جديدة آتية، من دول الاتحاد الأوروبي. لكن هذه المناورة التي تهدف إلى إعادة الاعتبار لباسيل، لا تلقى موافقة كثر لأنها تنزع صلاحية تأليف الحكومة من الرئيس المكلف، ليس مرحباً بها لا من الحريري ولا من بري، ولا من فرقاء آخرين بحيث تخلق أزمة أشد عمقاً، عنوانها مقاطعة الرئاسة من بعض القوى.

 

المناورة الأخرى بالاستقالة من البرلمان من أجل انتخابات مبكرة بانضمام نواب “القوات اللبنانية” إلى هذا الخيار، يواجهها رفض بري إسقاط البرلمان وربط “المستقبل” موقف نوابه بما يقرره بري، الذي يشدد على استمرار الولاية حتى نهايتها.