يكشف ضابط سابق كبير أنه في الايام الاخيرة قبل ولادة الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي، تحكّم به القلق بشكل كبير على ما ستؤول اليه الاوضاع من كافة جوانبها خصوصا الامنية منها على خلفية الكارثة الاجتماعية التي تعصف بالبلاد، ليقول بعد خروج الحكومة للعلن أن نسبة إرتياحه الى هذه الخطوة كبيرة للغاية، معتبرا ان هذه المسألة ما كانت تحتمل المزيد من المماطلة، لأن الامور كانت ستخرج من عقالها خلال أسبوع على أبعد تقدير.
ويلفت الضابط الى «أننا كنا متخوفين بشكل جدي بأن الوضع الامني على وشك التفلت الواسع مما ينبىء بالشر الكبير، لأن كافة المؤشرات والدلالات واضحة إبتداء من السلاح الذي إنتشر بشكل سريع، حتى ان الاسلحة الثقيلة بدأت بالظهور دون خشية أو رادع، بحيث بدت أن هيبة السلطة إنكسرت الى حد كبير وتراجعت بسبب التراخي الذي أصاب المنظومة السياسية والاستسلام الذي ظهر على الاحزاب والتيارات، كل ذلك دون وجود رادع محلي أو اقليمي.
والدلائل حسب هذا الضابط ما شاهده اللبنانيون من معارك حية بين بلدات مجاورة أستعملت فيها الاسلحة الثقيلة المحمولة والقذائف الصاروخية خصوصا في عكار، في الوقت الذي ترزح فيه القوى الامنية تحت وطأة الضغوطات الاقتصادية والتعب الذي تسلل الى عناصرها طوال ثلاث سنوات من الجهوزية والاستنفار، حتى جاءت أزمة المحروقات والسرقات والقتل، وهذه الامور مجتمعة يلزمها حضور عسكري حتى عند كل محطة محروقات!!
حدثت هذه الامور مجتمعة أمام ناظر الضابط الكبير، الى حين صعود الدخان الابيض من القصر الجمهوري، حيث عبّر عن ارتياحه بشكل كبير للناحية الامنية، أما الحلول الكبيرة للازمة في البلاد يلزمها المال والوقت والمساعدات والبرامج، أما لو استمر الفراغ الحكومي لكانت البلاد وفق أجندات محلية أو إقليمية أو من دونها في مكان آخر، ولا يخفي أنه مجرد الاعلان عن الحكومة شكل سببا لإضفاء عنصر تهدئة واسع على الوضع الداخلي، ما سمح بإعطاء الناس جرعة تهدئة كما سمح لأجهزة الدولة بإلتقاط بعض النفس والقدرة على برمجة عملها، ومع أن كل هذا مطلوب إلا أنه غير كاف كي تتمكن الحكومة من إخراج البلاد من هذه الزاوية القاتلة والصعبة في تاريخها .
لا شك يضيف الضابط السابق، أنه بمجرد تشكيل الحكومة أعطى رسالة للعالم بأن اللبنانيين بطريقة أو أخرى قرروا السلوك على حافة الدرب القويم أقله منذ الاّن وحتى تكوين حكومة جديدة وإجراء الانتخابات النيابية، وما حصل كان أكثر من ضروري وملّح للأسباب التالية:
– تهدئة السوق المالية التي تحكّم بها الجنون في الفترة السابقة وأرخت بكامل ثقلها على رقاب اللبنانيين ولقمة عيشهم.
– طمأنة المجتمع الدولي الذي ضاق ذرعاً بالازمة في لبنان وبات على وشك ترك البلاد في فم التنين، خصوصا أن الدول الكبرى والاقليمية لديها مشاكل داخلية وأزمات مالية وإقتصادية.
– هذا التحول، أي تشكيل الحكومة، سيسمح لها بإعادة التواصل مع صندوق النقد واجراء الاصلاحات اللازمة وفي مقدمها الكهرباء والمحروقات وتنفيذ البطاقة التمويلية.
هل الامور ستسير وتتم حلحلة الازمات في حدها الادنى؟ لا يبدو أن لبنان مقبل على إستقرار مالي أو نقدي مهما كانت الاصلاحات سريعة، ما دامت البنية التحتية والفوضى الادارية وإفلاس المؤسسات والهجرة الجماعية قائمة، والوقت وحده كفيل بالإجابة عن هذا السؤال من خلال توحيد الرؤية بين الافرقاء السياسيين كي يبقى شعب في البلاد بإستطاعته التولية عليه!؟