تكشف مصادر سياسية واسعة الإطلاع، أن مسار تعبيد الطريق أمام عودة مجلس الوزراء الذي أطلقه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الأسابيع الماضية، ما زال يواجه العقبات ذاتها التي دفعت باتجاه تعليق اجتماعات الحكومة منذ نحو شهرين ، والتي قد تكون تضاعفت في الأيام الماضية، مما يؤكد أن لا عودة إلى اجتماعات مجلس الوزراء في وقت قريب، أو على الأقل خلال العام الجاري. وتوضح المصادر أن العقدة الأساسية المتمثّلة بالتحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، قد بدأت تسلك منحىً مختلفاً عن السابق، بعدما تحولت أي محاولة تسوية على هذا الصعيد ومن خلال المؤسسات والقوانين “مقفلة” على الحلول، وتدور في دائرة مفرغة، نتيجة واقع الفصل بين السلطات، وبشكل خاص السلطة القضائية التي تبقى مستقلّة بالكامل عن أية مبادرات أو مشاريع تسوية ولو من خلال المجلس النيابي، وذلك وفق ما كان مطروحاً لجهة الفصل بين التحقيق مع الوزراء والنواب والرؤساء ، في إطار المجلس الإعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وإزاء هذا الإنسداد، تلفت المصادر المطلعة نفسها، إلى أن التوافق بين الكتل الذي ظهر بالأمس في الجلسة التشريعية، لجهة إسقاط مشروع قانون ال”كابيتال كونترول”، وبالتالي قطع الطريق على إقراره بصيغته النهائية ، حمل دلالات واضحة على أن انقساماً حاداً قد تكرّس داخل الحكومة بالدرجة الأولى، بعد استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، ومن أبرز مؤشراته الرفض المطلق من قبل رئيس “تيارالمردة”سليمان فرنجية لتسمية وزير بديل عنه، وبالتالي فإن هذا الرفض، يؤكد استمرار إقفال الطريق أمام عودة الحكومة، ولذا فإن الإشارة الأكيدة إلى عودتها إلى العمل، ستكون من خلال تعيين البديل لقرداحي، وهو ما سيكون بمثابة الإعلان عن عودة مجلس الوزراء للعمل، وتذليل كل الإعتراضات التي ما زالت قائمةً من قبل الثنائي الشيعي، وذلك بصرف النظر عما ستؤدي إليه كل التطورات المتعلقة بالبحث الجاري على الصعيدين السياسي والنيابي والديبلوماسي، وذلك في ضوء المحادثات الفرنسية-السعودية الأخيرة.
وتشدد المصادر نفسها، أن لا مهرب من إجراء حوار ٍ داخلي حول مجمل الهواجس التي تعبّر عنها بعض القوى السياسية، والتي ما زالت تتوقع حصول توافق حولها فيما لو توافرت الإرادة لتحقيق خرقٍ لحال الشلل الحكومي الحالي.
لذلك فإن ما تخلص إليه المصادر نفسها، هو أن لا ملامح حتى اليوم، على حصول أو على ترقب أي تعديل في موقف الثنائي الشيعي من جلسات مجلس الوزراء، وبالتالي، فإن الرسالة الواضحة التي يمرّرها هذا الموقف، هي موجّهة إلى كلّ من رئيس الحكومة أولاّ وإلى الطرفين الفرنسي والسعودي ثانياً بعد محادثات جدة، وإلى المجتمع الدولي ثالثاً، وفيها أنه يبدي كل تعاون مطلوب لتسهيل العمل الحكومي،والذي هو مطلب لدى هذا الفريق نفسه أيضاً،ولكن بعد تبديد الهواجس وتعديل المعايير التي يصفها ب”الإستنسابية” في أعمال التحقيق في انفجار المرفأ. وفي هذا السياق فإن المطروح في هذا الإطار، يتركز على تحقيق الفصل بين صلاحية القاضي طارق البيطار في ملاحقة المتهمين من غير الرؤساء والوزراء، وبين صلاحية المجلس الأعلى لملاحقتهم ومحاكمتهم، لأن لا صلاحية للقضاء العدلي في ملاحقتهم، وهذا ما ينصّ عليه الدستور.