Site icon IMLebanon

كما تراني يا جميل… أراك

 

 

 

وقعت الواقعة بين جزءٍ من “القضاء المستقل” وجزءٍ آخر من “القضاء المستقل” على نية المصارف، وسقطت الإجراءات بإجراءات لاغية. ونشبت حرب “داحس والغبراء” بين معسكرات، بعضها لم يزح يوماً عن متاريسه، وبعضها الآخر بدأ يتمترس خلف شعار “كما تراني يا جميل أراك”.

 

وهلمّ الى فتح كل الملفات لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الفساد وهدر المال العام والسياسات الخاطئة.

 

وفي هذه المعمعة، يبقى القضاء هو الضحية بين هذه المتاريس. لا يستطيع أن يذهب الى النهاية في أي ملف يفتحه. وكأن هناك من يوجهه ليُسَكِّن الغضب الشعبي او لإثارة لا طائل منها، تقود الرأي العام الى مزيد من الفوضى، او يستخدمه لتوجيه رسائل او تصفية حسابات.

 

المهم أن المايسترو، صاحب النفس الطويل، نجح في استيعاب الغضب الشعبي وتفريغه من شعاراته الباطلة كالمواطنة والدولة المدنية المؤسسة على القانون والدستور.

 

بالتالي، لا شيء يقود الى حلول ومحاسبة واستعادة لفلس منهوب من المال العام. والسبب يرتبط بشبكة الفساد التي تجمع شركاء لا يغير قدرهم فتح القضاء ملفاتهم. مكتوب عليهم البقاء متعاضدين متكافلين لمنع دومينو سلطتهم ونفوذهم من الاهتزاز، حتى لا ينهار الهيكل عليهم. فالذهاب بملف فساد الى خواتيمه يعني فتح ملفات متتالية تفضح المستور/المعلوم. وحينها لا أحد فوق الغربال، وليس فقط المصارف أو حاكم البنك المركزي..أو أو..

 

فبديل التكافل والتضامن هو “عليّ وعلى أعدائي”، لذا ستبقى لعبة شد الحبال على حالها، ما دام المواطن يتأقلم بالحد الأدنى مع الكوارث التي تنهشه يوماً بعد يوم. فيفور عندما يتجاوز سعر صرف الدولار عتبات جديدة، ويخمد قليلاً عندما يتراجع بنسبة ضئيلة. وتضيع منه البوصلة. حينها يستغل المايسترو الذي يجيد استخدام أدواته، الغضب والضياع ويجيش ما بين يديه الى حيث تتطلب أجندته، سواء لخدمة مشغِّله، او للتبرؤ من مسؤولية القرارات غير الشعبية التي تلوح في أفق الآتي القريب لترقيع الوضع الاقتصادي.

 

لكن في النهاية، كل ما يحصل يشي بالانهيار التام. ولن تنفع القنابل الكلامية لهذا الفريق أو ذاك. فهي لعمري تخدم المايسترو المتفرج على الطبقة السياسية تلعب في الوقت الضائع بتراشق الاتهامات بشأن ملف الكهرباء، ويدَّعي انطواءه تحت عباءة الدولة، عندما يسمح لمفتش بضبط مخالفة في “منطقة صعبة”، على ما قال أحد الوزراء في مؤتمر صحافي من ضمن مؤتمرات، تعتقد الحكومة المبتدئة أنها تكفي وتفي بالمطلوب لمواجهة كوارث المواطن بقرارات شكلية، ليس فيها الا سذاجة لا ترتفع الى مستوى التحديات الخطيرة التي تطيح بلبنان في خضم الصراعات الإقليمية والدولية.