IMLebanon

التحدّي باستعادة القرار

 

 

نتائج الأزمات المتلاحقة التي يعيشها لبنان تشير إلى المزيد من التدهور في أوضاعه الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية، ولا يجوز لأي كان أن يخفي العلل التي يعاني منها البلد إضافة إلى تداعياتها، لأن ذلك سيساهم أكثر فأكثر في التراجع على مختلف المستويات وسيجعل الحلول أكثر صعوبة وستضيق خياراتها.

 

إن المطلوب في هذه المرحلة هو الحلول على أسس ثابتة، وأبرز هذه الأسس أن تكون كل الأطراف السياسية قد اقتنعت أن لبنان لا يمكن أن ينهض من دون قيام دولة فعلية وحدها تمتلك القرار في كل المجالات فلا تراعي ولا تخاف ولا تساير ولا تسمح لأي جهة سياسية أن تشاركها في قرارها أو أن تتخذ القرارات بدلا منها، فهذه التجربة أثبتت فشلها وورطت لبنان في الكثير من الأزمات والمشاكل وما زالت، ويُفترض بمن مارسها أن يكون قد استخلص العبر والدروس وان يتخذ القرار بالتخلي عما كان في الماضي إلى غير رجعة.

 

إن كل الأزمات التي مررنا ونمر بها تؤشر إلى ضرورة أن يهتم اللبنانيون بأحوالهم فقط، لا بأحوال ومشاكل غيرهم من الشعوب والبلدان، وان الاستقرار والجهوزية على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية والمعيشية والاجتماعية هما المطلوبان، باعتبار أن لبنان لا يستطيع أن يعيش تداعيات مستوردة لأي قضية في المنطقة تساهم في ضرب هذا الاستقرار وهذه الجهوزية، فعلى ما يقول المثل العامي “يلي فينا مكفينا”، وقد رأينا نتائج استجلاب هذه التداعيات وكيف ساهمت مع السياسات التخريبية في الدولة في ضرب كل المقومات وسمحت بارتكاب كل الموبقات، التي جعلت من البلد وكأنه “كرنتينا” محجور عليها من دول العالم والذي أصبح على قاب قوسين أو أدنى من أن يتخذ قراراً، يستنكف فيه حتى عن مد يد العون التي يمكن أن تبقي هذا الوطن على قيد الحياة فقط.

 

في لبنان لم يتقن البعض سوى المكابرة، ولم يتقن البعض الآخر في المقابل سوى الخضوع والخنوع، وقد حان الوقت ليدرك أصحاب المكابرة أنهم مخطئون وتسببوا في عزلة لبنان وتدهور أوضاعه، وحان الوقت أيضاً ليدرك أصحاب الخضوع والخنوع أنهم شركاء عن سابق تصور وتصميم أو عن خوف في التسبب بالحال المأسوية التي وصل إليها البلد، وعليهم إن أصروا على البقاء في الحكم أن يصلحوا ما ارتكبوه وقد يكون من رابع المستحيلات، أو أن عليهم بكل بساطة الرحيل تاركين المجال لمن هم قادرون على حمل التحدي الفعلي الذي يبدأ باستعادة الدولة لقرارها وقرارها فقط على كل الصعد، وكل تحدّ آخر يرفع عنواناً غير هذا هو استمرار للحقبة السابقة والراهنة ومصيره الفشل.