لو ان الحكومة تصرّفت عند هبوط أول طائرة في مطار رفيق الحريري الدولي وكان لبنان خاليا من اي اصابة بالكورونا، مثلما تصرّفت امس في اجراءات نقل لبنانيين الى وطنهم، ربما كانت وفّرت الكثير من الاصابات وحتى من الوفيات.
ولو ان الذين كرّسـوا مليـارات الدولارات في المصـارف الاجنبية من دم اللبنانيين المقيمين والمغتربين وتعبهم وعرقهم وبادروا من باب التكافل الاجتماعي ومنع تمدد فيروس كورونا، الى التكفّل بمنع حصول مجاعة في لبنان وحملوا «شقلة» عن الحكومة التي افلست، تكفيرا عن ذنوبكم وخطاياكم ونهبكم، كان لبنان عبر بسهولة ازمته المالية والاقتصادية، وازمة وباء كورونا.
ولو ان الحكومة «عدّت» الى العشرة قبل احياء مشروع سدّ بسري، وكلّفت لجنة من شخصيات ذات خبرة وعلم ونظافة كف، لاعادة درس الاثر البيئي على السدّ، الذي يشوّه المنطقة ويهدد بكارثة كبيرة في حال حصول زلزال او هزة ارضية قوية وتحرّك الفالق الذي يمرّ في مرج بسري، كان يمكن ان توفّر اموال هذا السدّ، وتوفّر نتائج انهياره.
ولو ان الحكومة تتعالى عن الضغوطات، وتفكّر قليلا بمصلحة الشعب، وبالتشوّه البيئي الذي لحق بجبل كامل، بسبب كسّارة بيت فتوش، وبالاموال الطائلة التي تحققت، كانت رفضت دعوى فتوش مثلما رفضت تسديد مبالغ اليوروبوند.
الشعب يريد لحكومة حسّان دياب ان تنجح، وان تؤكد استقلاليتها ونظافة كفّها، وبعدها عن المحاصصات والتسويات، ورفضها الصفقات المشبوهة، واخرها الفيول المضروب الذي لا ينفع، لا لتوليد الكهرباء، ولا للصحة ولكن على ما يبدو احيانا ان الحكومة عدوّة نفسها خصوصا عندما لا تملك الشجاعة الكافية لتثبيت استقلاليتها في وجه حيتان السياسة الذين يتصرفون وكأن «الله خلقهم وكسر القالب» ويتصرّفون في الحكومة وكأنها جزء من ميراث لهم.
***
كلمة اخيرة في موضوع بالغ الاهمية هو موضوع الامن الغذائي، الذي يجب ان يكون في اولويات الحكومة، بعدما غيّر وباء الكورونا معظم المفاهيم في العالم، اذا لم يكن كلّها، لأن جميع الدول وفق ما يتم الاعلان عنه وتداوله في وسائل الاعلام، خصوصا الدول المصدّرة للحبوب وفي مقدمها القمح، مثل روسيا التي تصدّر القمح الى العديد من الدول، اعلنت انها ستحتفظ بقمحها لشعبها، وقد تلحق بها دول اخرى، تصدر القمح والحبوب واللحوم وغير ذلك، فهل تبادر الحكومة الى اعلان الامن الغذائي، واستباق الخطر، ام انها كالعادة تؤجّل وتؤخّر؟