Site icon IMLebanon

حكومة من كوكبٍ آخر!

 

من الواضح أنّ الحكومة الحالية لا تكترِث للواقع المأسوي الذي يعيشه الشعب اللبناني، ولا يبدو أنّها تسعى في الأفق المنظور، لإحداث التغيير المُنتظر، والكفيل بمعالجة المشاكل المُتفاقمة والمُتراكمة من كل حدبٍ وصوب، وتُنذر سياساتها المُتعثّرة بمزيدٍ من التدهور الإقتصادي والإجتماعي والمالي والنقدي، وطبعاً المعيشي.

 

الحكومة التي رفعت شعار “مواجهة التحدّيات”، لم تكن على مستوى المسؤوليات، ولم ترقَ إلى مستوى المرحلة التي تطرح إشكاليات غير مسبوقة تُهدّد الكيان اللبناني بديمومته واستمراره وهويته وطبيعة تكوينه، ودوره في المنطقة والعالم.

 

الحكومة التي رفعت شعار الوزراء المُستقلّين من أصحاب الإختصاص، لم تُحقّق خرقاً في ملفّ واحد. نعم، ولو في ملفّ واحد فقط. فاخروا ويُفاخرون بمواجهة فيروس “كورونا”، ولكن ماذا غير ذلك؟ على العكس، لقد منحت مرحلة الحجر المنزلي فترة سماح إضافية للحكومة، كان باستطاعتها القيام خلالها بالعديد من الخطوات المطلوبة وفي أكثر من قطاع.

 

في التعيينات، كشفت الحكومة عن وجهها البشع الذي حاولت تغطيته بالقول إنها “حكومة تكنوقراط”، فإذا بها تغرق بما هو أسوأ من المُحاصصات الطائفية والمذهبية التقليدية، حيث اختارت الأقل كفاءة بين المرشّحين لبعض المناصب.

 

في الكهرباء، عدّلت الحكومة تصويتها بين جلسة وأخرى، وخضعت للقوى التي وضعت معادلة واضحة: “طريق الكهرباء تمرّ في سلعاتا”، أو عملياً، لا كهرباء ما لم يُقرّ إنشاء المعمل، وقد فضح أمرهم أحدهم عندما قال: “يجب أن يكون لدى المسيحيين معمل للكهرباء تماماً كالسنّة والشيعة”؛ تماماً كما تساءل أحدهم في الماضي: “لماذا لا تلتهم النيران سوى المناطق المسيحية”؟. يا لها من عقليّة طائفية مريضة.

 

إنّه المنطق المذهبي المقيت الذي حوّله بعض الأطراف السياسية ممراً إلزامياً للقرارات الحكومية. أما رئيس الحكومة فله حساباته، وهو يعلم أنّ فرصة العودة إلى السراي الحكومي، في حال استقالت الحكومة أو أُقيلت (من القوى التي تُحرّكها حسب مصالحها)، لن تكون متوافرة بسهولة مرّة أخرى. لذلك، هو متمسّك بالبقاء، ولو أنّ قُدرته على التغيير محدودة، إن لم تكن معدومة.

 

باستثناء التكرار الممجوج لمُصطلح “التركة الثقيلة”، هل حقّقت الحكومة أي تقدّم في أي ملفّ يُذكر؟ تُرى هل كان رئيس الحكومة يظنّ أنه آتٍ إلى منصب رئيس وزراء اللوكسمبورغ أو النمسا أو نيوزيلندا؟ ألم يكن يعلم طبيعة المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والمالية؟ ألم يكن يعلم موازين القوى السياسية التي تتحكّم بحكومته، وتفرض عليها مسارها وقراراتها واتّجاهاتها؟ ألم يسبق له أن اختبر العمل الحكومي، عندما تولّى وزارة التربية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، واطّلع على سير عمل مجلس الوزراء، وما يدخله من حسابات وتقاطعات سياسية ومصلحية بين هذا الطرف أو ذاك؟

 

أين هي الإنجازات التي حقّقتها الحكومة بنسبة 97 بالمئة؟ وكيف يملك أي مسؤول الجرأة السياسية والأدبية لإعلان كهذا، في ظلّ حالة التدهور الإجتماعي والتفجير اليومي المُتنقّل بين المناطق والطرقات والشوارع؟ هل يخاطب رئيس الحكومة الشعب اللبناني أم شعباً آخر؟

 

تُرى، كم بلغ عدد الصفحات التي كُتبت في المجلّد الجديد الذي سيؤرّخ حقبة رئاسة الوزراء أسوةً بحقبة وزارة التربية؟ أخال إحدى صفحاته ستتضمّن صورة الرئيس وقد ذُيّلت بالكلمات التالية: “مُبتسماً لدخوله نادي رؤساء الحكومات، مُتفرّجاً على انهيار لبنان في ولاية حكومته”.

 

رحم الله رياض الصلح ورشيد كرامي وصائب سلام ورفيق الحريري، وسواهم من رؤساء الحكومات، الذين كان وجودهم في كرسي الرئاسة الثالثة يُضيف إلى الموقع، وليس العكس!