IMLebanon

ضحالة الحكم والحكومة!

 

يعكس الحكم عموماً، والحكومة خصوصاً، بضحالة أداء رئيسها وعدد كبير من وزرائها يوماً بعد يوم، وضاعتها وضعفها، وضيق أفقها. كأنّ حالة العزلة العربيّة والدوليّة غير المسبوقة، التي يعيشها لبنان في الفترة الراهنة لا تكفي لخفض سقف التوقّعات من عملها، فإذ بها تُمعن في القيام بخطوات، أقلّ ما يُقال فيها انعدام الرؤية لديها، وعجزها عن تحقيق الحدّ الأدنى المطلوب منها.

 

السراي الكبير الذي كان يعجّ في ما مضى بالزوّار العرب والأجانب، بات مقصداً للمُطربين والمُنشدين، لالتقاط الصُور التذكاريّة مع رئيس الحكومة، في حين لم يتمخّض عن عمل عشرات اللجان والمُستشارين أي تقدّم ملموس، خصوصاً على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والنقدي، لا بل المشاكل تتفاقم على كلّ المستويات، وتُنذر بمزيد من التدهور.

 

ولعلّ الايجابيّة الوحيدة التي سجّلتها الحكومة من خلال تصدّيها المقبول لتفشي وباء “كورونا” في موجته الأولى، قد دمّرته راهناً، من خلال التراخي في الإجراءات، والإستبعاد التامّ لخيارات الإقفال، ولو الجزئي، لإعادة ضبط الوضع، والحيلولة دون المزيد من الإنتشار العشوائي، مع ما ينطوي عليه من مخاطر صحيّة كبيرة.

 

إن الاستعراض السريع لمقوّمات لبنان وميزاته التفاضليّة التي سجّلها في الماضي، يؤكّد بما لا يقبل الشك، بأنّ مستقبل البلاد سيكون قاتماً. وعلى الرغم من كلّ الملاحظات الجوهريّة التي يُمكن لأي مواطن أن يعترض عليها، لناحية غياب العدالة الإجتماعيّة والإنماء المتوازن والطابع الريعي الإستهلاكي للإقتصاد في الحقبة السابقة؛ إلا أنّ ذلك لا يُلغي مجموعة من الصِفات التي كانت تُصنّف في خانة الميزات التفاضليّة للإقتصاد اللبناني، وفي طليعتها القطاع الإستشفائي والصحّي، المؤسسات التربويّة المتنوّعة، الدور الثقافيّة للكتابة والتأليف والنشر، الصحافة الحرّة، فضلاً طبعاً عن السياحة والمطاعم والفنادق التي تتساقط، الواحدة تلو الأخرى.

 

أما القضيّة الأهمّ المُرتبطة بمعالجة الوضع المالي والنقدي، فهناك الطامة الكبرى. ذلك أنّه، عدا عن الفشل الذريع والمُخزي، المُتمثّل بعدم التمكّن من توحيد الأرقام الرسميّة المُفترض استخدامها في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ليس هناك من خطوات جديّة لوقف التدهور السريع نحو الهاوية. ويبدو كأن همّ الحكومة الوحيد، وهمّ القوى التي تدعمها، هو التعيينات الإداريّة التي تعلو فوق كل اعتبار، وطبعاً وِفق المُحاصصة ومن دون أي اكتراث للكفاءة. وكأنّ ليس في البلاد مشاكل وقضايا أخرى تستوجب المُتابعة والمُعالجة.

 

لم تنجح الحكومة في إطلاق رزمة الإصلاحات المطلوبة، ولم تنجح أقلّه في تطبيق إصلاح واحد! كيف تتوقّع الحكومة من المجتمع الدولي أن يمنحها الدعم، في ظلّ هذه الحالة من المراوحة والتخبّط؟ وكيف تنتظر المساعدة في الوقت الذي لم تُصدر أيّاً من القرارات الأساسية التي يُمكن أن تُعطي إشارة ما، في مكان ما، الى أن ثمّة نيّة جديّة في الإصلاح، وأنّ لبنان سيكون جاهزاً لتلقّف أي دعم بشفافيّة وانتظام، وفي إطار رؤية متكاملة وهادفة ومُحدّدة.

 

أما الحلول البديلة والخيارات التي تُطرح من هنا وهناك، فلا تعدو كونها فقّاعات إعلامية، يُدرك أصحابها ومن يقف خلفهم، باستحالة تطبيقها للكثير من الإعتبارات والعقبات السياسية والقانونية والعملية. فلنبحث عن مجالات جديّة للخروج من الأزمة، ولنَسعَ في اتّجاه تطبيق خطواتٍ أكثر قابليّة للتحقّق، بدل الشعارات التي لن تسدّ جوع فقير، أو تُعيد وظيفة عاطل عن العمل!