IMLebanon

تشكيل الحكومة بين الطِّرح وبين الطّرح

 

 

لست أدري، إذا كان فخامة رئيس الجمهورية، يريد أن يخبر شعبه العظيم، بأنّه قدّم طِرْحاً للرئيس المكلف سعدالدين الحريري أم طَرْحاً لتشكيل الحكومة العتيدة. والطِّرح (المطروح)، جنين ألقته أمّه قبل التمام، ويكون عادة صغير الحجم غير مكتمل الخِلْقة.

 

إذا أردنا العودة الى الدستور الذي اعتاد بعض المسؤولين على خرقه، فإنّ رئيس الجمهورية ملزم بإجراء إستشارات ملزمة مع النواب، بعد استقالة الحكومة… والنواب يحدّدون للرئيس الاسم الذي يرشحونه لتشكيل الحكومة. ومن يحرز أكثرية النواب يُستدعى الى قصر بعبدا وفي حضور رئيس مجلس النواب ويتمّ تكليفه. ولا يحق لأي نائب ترك القرار من دون تسمية أحد، وتجييره لرغبة رئيس الجمهورية.

 

من هنا يكون رئيس الجمهورية صندوق بريد، وعدّاداً يحسب عدد الأصوات وينقلها الى رئيس المجلس النيابي، ومن يحرز أكثرية النواب يكلّف بمهمة تشكيل الحكومة العتيدة. كما أشرنا.

 

نعود الى عملية الإستشارات الملزمة التي إجراها الرئيس عون على إثر استقالة حكومة الرئيس دياب. فقد حصل الرئيس سعدالدين الحريري على 65 صوتاً من النواب، وهؤلاء يشكلون الأكثرية المطلوبة ما يسمح له ببدء عملية التأليف. إشارة الى أنّ هناك 53 نائباً لم يسمّوا أحداً.

 

بعد التكليف، يبدأ الرئيس المكلّف، باستشارات غير ملزمة، يطّلع من خلالها على وجهات نظر الكتل النيابية، ثم يبدأ بعملية التأليف، التي قد تستغرق وقتاً. وعندما تكتمل الصورة عند الرئيس المكلّف يضع «مشروع» تشكيلته ويعرضها على رئيس الجمهورية، ويتناقشان بالتشكيلة المقترحة.

 

ومنذ أن كلّف الرئيس الحريري يوم الخميس في 22 تشرين الأول الفائت لتشكيل الحكومة المقبلة، وهو يحاول جاهداً وضع تشكيلته، وظلت محاولاته تتكرّر ليتوّجها بعد ظهر أمس الأربعاء بزيارة لقصر بعبدا، ووضع تشكيلة من 18 وزيراً بين يدي رئيس الجمهورية، وصرّح الرئيس المكلف بعد الزيارة، أنّ عون أخذ التشكيلة ووعد بدرسها على أن يلتقي الرئيسان في موعد لاحق.

 

لكنّ المفاجأة الكبرى، كانت بتعميم خبر وزعته «جماعة» الرئيس عون، مفاده أنّ رئيس الجمهورية قدّم طرحاً للرئيس الحريري يتضمّن تشكيلة للحكومة.

 

والغريب أنّ هذا الخبر يحمل مخالفة دستورية من الطراز الرفيع. فهل رئيس الجمهورية هو الذي يقدّم طرحاً بالتشكيلة، أم الرئيس المكلف هو الذي يقوم بهذه المهمة؟ وهل يمكن أن يَنْطليَ هذا الأمر على أحد؟ وهنا أقول قد يكون فخامته قدّم طِرْحاً، أي مطروحاً لا طَرْحاً قانونياً أو دستوريّاً.

 

لن نتوقّف عند الخبر الذي وزّعته «جماعة» رئيس الجمهورية، فقد علّقنا عليه بما يكفي. ولكن سأحاول تبيان سبب هذا الخبر الموزّع.

 

أعتقد أنّ تسريب هذا الخبر يهدف الى عرقلة عملية التأليف، ونسف جهود الرئيس سعدالدين الحريري، ورمي الكرة في ملعبه، وتحميله سبب فشل التأليف حتى اليوم.

 

إنّنا نتمنى على فخامة رئيس الجمهورية، حسم الأمور، وعدم السماح بالتلاعب بمصير البلد، الذي هو في أمسّ الحاجة الى حكومة في ظل هذا التدهور الجارف.

 

أمّا بالنسبة للقضاء، الذي يعتبر خشبة خلاص لبنان، فإننا توقفنا مليّاً، عند الاجتماع الذي حصل بين الرئيس عون والمجلس الأعلى للقضاء ومدّعي عام التمييز. كما توقفنا أمام ما قاله تلفزيون الـN.B.N، إنّ على رئيس الجمهورية، واحتراماً للقضاء الإفراج عن التشكيلات القضائية التي أرسلها مجلس القضاء الأعلى منذ ما يزيد على الأربعة أشهر.

 

إنّ إصرار الرئيس عون على رفض التشكيلات يعود الى التمسّك بالقاضية غادة عون التي باتت موظفة عند مرجعية سياسية، وانضمت الى فريق عمله… تدافع عنه بقوة وهو الذي فُرَضت عليه عقوبات أميركية لاتهامه بالفساد.

 

وأخيراً… كنا نتمنى على مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إحالة القاضية عون الى التفتيش القضائي، حين استدعت حاكم مصرف لبنان لاستيضاح مسألة الدولار المدعوم.. هَزُلتْ والله… لذا فنحن نصُرّ ونؤكد على أنّ هذه القاضية بحاجة الى «هزّ» كي تصحو من سباتها وتعرف أنها موظفة في الجمهورية اللبنانية… لا في جمهورية «لالا».