IMLebanon

خافوا الله يا بشر!!!  

 

الإنقطاع عن كتابة الإفتتاحية، أعتبره جريمة موصوفة. سيما إذا كنت معتاداً على الكتابة يومياً، وأنت في تواصل مع القرّاء، تتعامل معهم وتتفاعل… والقرّاء هم الأغلى والأحبّ الى قلبي…

 

أقول إنّ الإنقطاع عن كتابة الإفتتاحية فجأة، في ظل الأحداث المتلاحقة، وما يمرّ به لبنان من أزمات، لا يكاد ينتهي من واحدة منها، إلاّ وستحل به أزمة أكبر، تُلقي بثقلها على المواطن الذي بات يعاني العَوزَ والحرمان والفقر، فأنْ تكتب يومياً، وتقدّم آراءك للناس، أمر في غاية الأهمية…

 

على أي حال… هذه هي المرّة الأولى، ومنذ فترة بعيدة جداً، التي أنقطع مضطراً عن الكتابة، رغم تعلقي بها، إلاّ أنّ درجة ارتفاع السكر معي، ليست بحاجة الى أسباب أخرى، تضاعف المعدّل، أو ترفعه الى درجة كبيرة.

 

وَلْنَعُدْ الى لبّ المشكلة… التي تعتبر نقطة محورية لكل المشاكل التي يعاني منها لبنان… أعني مشكلة تشكيل حكومة مهمة، تعمل على إنقاذ الوطن مما هو فيه، وتريح أعصاب اللبنانيين، ولا ترفع «معدّل» السكر في دمائهم.. رأفة بهم بعد أن بلغ السيل الزّبى.

 

وتأكيداً على أنّ تشكيل الحكومة عندنا، يصطدم بجدار التعنّت، فإنّ مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تبدو مغيّبة عن قصد أو عن جهل فالأمر سيّان..

 

رئيس فرنسا ترك بلاده مرتين، وها هو عائد للمرة الثالثة، وساستنا غائبون عن «الوعي» لا يدركون ماذا يفعلون…

 

لقد اتهم ماكرون صراحة الساسة اللبنانيين بإفشال مبادرته، وبانعدام المسؤولية الوطنية..

 

همّ ماكرون تشكيل حكومة من الإختصاصيين، الذين يمكن باستقلاليتهم عن الأحزاب تنفيذ برنامج إصلاحي يعيد الى لبنان ثقة العالم به.

 

إنّ المنظومة السياسية والحزبية في لبنان، ألقت مبادرة حكومة المهمة الإصلاحية، التي يفترض أن تتألف من إختصاصيّين غير سياسيين، وبعيدين عن الأحزاب السياسية المتناحرة، جانباً وانخرطت في عملية التقاتل على الحقائب والحصص.

 

لقد كان ماكرون أكثر صراحة، حين حمّل بعض القوى اللبنانية المسؤولية في حَرْف مبادرته وتحويلها الى قضية طائفية. وحذّر من أنّ المرحلة الجديدة التي يعيشها لبنان، لا تشكّل خطراً عليه فقط، بل وعلى المنطقة بأكملها.

 

لكنني واثق من أنّ اليأس لن يتغلب على طموحات اللبنانيين… فكل مشكلة نجد لها حلاً بالصبر والحكمة والتأني. فالحل آتٍ لا ريب فيه… وإن كانت ملامحه تبدو بعيدة حتى الآن..

 

أطالب أولئك الذين يعرقلون التشكيل… بالعودة الى ضمائرهم… وأسألهم: على ماذا تراهنون؟ وماذا تريدون؟

 

المصيبة الأكبر أنّ الأيام تمرّ بسرعة… وهدر الوقت يتواصل ويتفاقم… لكن الفرج قريب… فإنّ بعد العسر يسراً…

 

وأنبّه بالتالي اللبنانيين، كل اللبنانيين، الى أنّ عدم تشكيل حكومة سيؤدي بنا الى الهلاك الأكيد، والوطن سيدفع الثمن غالياً…

 

لقد عاد أمر تشكيل الحكومة اللبنانية، الى الدوران في دائرة التعقيد والحلقات المفرغة، وتراجعت إحتمالات ولادتها بعد تفاؤل أراح أعصابنا، فيما يتوقع أن تكون زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى لبنان في 22 و23 الجاري، رسالة الى المعنيين، تؤكد تمسّكه بمبادرته لحل الأزمة اللبنانية، رغم كل ما تتعرّض له من انتهاكات ومعوّقات داخلية وخارجية. فيما دخلت البلاد في سجالات سياسية وقضائية، أثارت مخاوف من أن يعود لبنان الى حالة الإنهيار الذي فرضوها عليه.

 

وأخيراً، أناشد كل مسؤولي لبنان، وأطالبهم بالتخلي عن أنانياتهم ومصالحهم الشخصية، فلبنان يحتضر، ولا بد من إنقاذه… وقد آن الأوان لإيجاد الدواء الشافي، الذي يعيد إليه صورته الحضارية..

 

فهَلاّ يسمع المسؤولون هذا النداء؟ وهل يرعوي هؤلاء عما يفعلون؟

 

أيها المسؤولون: خافوا الله يا بشر وعودوا الى أصالتكم… ولات ساعة مَنْدم.