تعود الحكومة، مالئة الشغور الرئاسي الممدد والممتد، الى الاجتماع اليوم، بعدما أمضت «معمودية» من التعطيل المشوب بحقيقة واحدة وهي «ان اللعب مسموح طالما هو تحت السقف المرسوم، وبما لا يهدد بقاء الحكومة بالخطر»، وبعدما جرى تأكيد المؤكد، حيث احتاج فرقاء الى «اعادة قراءة في الكتاب، وإلى تمرين ميثاقي ودستوري من غير المعلوم كم هو تاريخ صلاحيته».
صحيح ان الرئيس تمام سلام يشعر انه «طعن من حيث لم يحتسب»، الا ان ما يبوح به مطلعون على مسار المشاورات التي جرت قبل العودة الى «بيت الطاعة الحكومي»، والتي «لم يطلّقها أي من الفرقاء بالثلاثة» انما عبروا عن ذوبان وهيام وشغف باستمرارها، يشير الى خلاصة مفادها ان الطرفين اصطدما بجدار من الزجاج: الرئيس سلام وضع سقفا عاليا لم يجارِه فيه الجميع، علما ان نص الدستور واضح في مادتيه الـ (65 و 56)، والفريق الآخر وضع ايضا سقفا عاليا تمثل بالتوجه لفرض ارادته على كل مجلس الوزراء، الامر الذي عجز عن تحقيقه.
ويقول المطلعون إنه عندما وجد الفريقان ان ايا منهما لا يستطيع فرض سقفه كمسار للعمل الحكومي، حصل تدوير شكلي جدا للزوايا تمثّل بالعودة الى عقد جلسات مجلس الوزراء على قاعدة «التوافق ولكن مع عدم التعطيل». وربما الحوار القائم بين فرقاء لبنانيين، وتحديدا بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، أدى الى عدم استمرار تعطيل عمل الحكومة، مضافا اليه الرسائل الغربية التي حملها الديبلوماسيون المعتمدون في بيروت الى من يعنيهم الامر بضرورة الاسراع الى انهاء هذه الحالة وعدم اطالتها.
ويرى المطلعون على الاتصالات التي جرت أن هذه الصيغة القائمة على التوافق مع عدم التعطيل، قابلة للحياة، ولكن هناك استحقاق التعيينات الذي يطرق باب الحكومة بقوة، لا سيما في مرافق حيوية، من هيئة الاتصالات الى هيئة ادارة الطيران المدني الى مواقع ادارية معظمها يُدار بالتكليف. وبالتالي عند الدخول في هذا الملف، في حال استمرار الفراغ الرئاسي الى امد غير معلوم، يعني تقدم صيغة المحاصصة وحينها سيختلفون مجددا، الا في حالة واحدة وهي امرار تركيبة تعيينات ما او الاقتصار على دفعة تعيينات ملحة.
إلا انه اذا اتفقت مكونات اساسية، مثل «تيار المستقبل» و «حزب الله» و «حركة امل» و «التيار الوطني الحر» و «حزب الكتائب» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، فان التعيينات تسير، والا اذا دخلت الحكومة في ملف التعيينات من دون اتفاق ستتعطل مجددا.
ويستند المطلعون على هذه الاتصالات، في امكانية مقاربة ملف التعيينات من دون عوائق، الى ان الاعتراض جائز وطبيعي في القضايا الميثاقية الكبرى، في حين ان التعيينات ليست من الامور الميثاقية طالما أنها مقرونة بحتمية الالتزام بمبدأ التوازن. وفي التعيينات، من المفيد ابقاء العين على حركة «حزب الكتائب» الذي ضرب في مكان ليقطف في مكان آخر.
الا ان ما يستوجب التوقف عنده هو ما سمعه زوار بيت الوسط من الرئيس سعد الحريري الذي تعمد ان يؤكد لوزراء «تيار المستقبل»، قبل غيرهم من الحلفاء، ان «إغضاب الرئيس تمام سلام يعني إغضابي.. وانصحكم أن لا تزعلوه»، وانه كان يتحدث عنه باعجاب وتقدير وحرص كبير وتعمّد تطويقه بجدار من الثقة الشخصية والسياسية غير المسبوقة.