يبدو من الصعب أن تسفر عن نتيجة قريبة إيجابية، الاتصالات الجارية حول تعديل أو إعادة النظر بآلية اتخاذ القرار وتوقيع المراسيم الصاررة عن الحكومة، بسبب اختلاف المواقف والنظرة والمصالح بين مكوناتها، واستمرار التجاذب أصلا حول الاستحقاق الرئاسي. بينما لا همّ لدى رئيس الحكومة تمام سلام سوى تحقيق التوافق بين كل المكونات الحكومية كما كانت الحال قبل شغور موقع رئاسة الجمهورية. أما الطريق الى التوافق فلها مسارب عدة يمكن سلوكها، لكن ذلك لا يلغي توافق الفرقاء جميعا على ان الآلية الاستثنائية التي وُضعت في ظرف استثنائي أدت غرضها كما يجب، وبالتالي صار لا بد من تطويرها نحو الأفضل لمنع شل عمل الحكومة.
وتشير المعلومات الى أن مواقف أطراف الحكومة تتراوح بين رافض لتعديل الآلية إلا بشروط مثل وزراء «حزب الكتائب»، وداعٍ الى تصويبها أو تشذيبها مثل وزراء «التيار الوطني الحر» و «المردة» والوزير بطرس حرب ووزير «تيار المستقبل» نبيل دو فريج، ومسيحيي «الخط الوسطي»، بما يؤدي الى منع التعطيل السياسي أو الشخصي أو المزاجي للقرارات، وهو ما حصل أكثر من مرة في جلسات عديدة، لكن بما لا يقلل أيضا من قيمة وقدرة القرار المسيحي في الحكومة في ظل استمرار الشغور في الموقع المسيحي الاول للدولة. لذلك يذهب بعض الوزراء المسيحيين الى القول انه اذا كان لا بد من تعديل آلية اتخاذ القرار، فلتذهب القوى السياسية الى انتخاب رئيس للجمهورية وهكذا نحل المشكلة.
أما وزراء الأطراف الاخرى، لا سيما «حزب الله» و «حركة أمل» و «جبهة النضال الوطني»، فهمّهم منع التعطيل وتسهيل العمل والأهم توفير المشاركة لكل الأطراف في اتخاذ القرار، لذلك لا يتوقف هؤلاء عند التفاصيل بقدر ما باتت تهمهم النيات لدى الآخرين وإطلاق عمل الحكومة.
وثمة من يذهب الى الاعتقاد ان بعض مكوّنات الحكومة، ان لم يكن أكثرهم، بات عمليا غير مهتم بسرعة انتخاب رئيس للجمهورية ما داموا في موقع قرار وصلاحيات رئيس الجمهورية من دون أن يصلوا الى كرسي الرئاسة، وان لا مصلحة لهم بتغيير الآلية أو تعديلها حتى لا يضيع منهم حق «الفيتو» الغالي، خاصة مع غياب أي تفاهم داخلي أو خارجي على الاستحقاق الرئاسي.
لذلك تبدو مهمة رئيس الحكومة صعبة في التوصل الى تفاهم كامل حول الموضوع، اذ تتحدث المعلومات المتوافرة، عن اقتراحات متداولة تتراوح بين داعٍ الى اعتماد آلية عمل مجلس الوزراء التي ينص عليها الدستور حتى في حضور رئيس الجمهورية، وهي اعتماد النصف زائدا واحدا في القرارات العادية ونصاب الثلثين في اتخاذ القرارات الاساسية والميثاقية والوطنية الكبرى، وقد تبنى هذا الموقف الرئيس نبيه بري وبعض القوى الاخرى، وعارضه آخرون مثل «الكتائب»، التي ترى انه لا مجال لاعتماد مبدأ النصف زائدا واحدا، وانه لا يقبل بأقل من نصاب الثلثين في كل القرارات العادية والأساسية، ومشاركة كل الأطراف في توقيع المراسيم.
وبين الرأيين، ثمة رأي يمثله «حزب الله» يقول ان المهم في اتخاذ القرارات هو التوافق، وهو جوهر الآلية التي اعتُمدت لمنع الاصطدام بالتعطيل والتأجيل، لكن في التوقيع على المراسيم من يمارس دور رئيس الجمهورية؟ فللرئيس صلاحيات معروفة في مجلس الوزراء هي: المشاركة في وضع جدول أعمال الجلسات مع رئيس الحكومة، واقتراح بنود من خارج جدول الأعمال، وتوقيع المراسيم والقوانين. وقد تم حل موضوع جدول الأعمال بعرضه على كل الوزراء قبل عدة أيام من الجلسة للموافقة عليه واقتراح ما يلزم من بنود، لكن بقيت قضية التوقيع قيد النقاش، مع ان الحزب يفضل الآلية المعتمدة حاليا بتوقيع الوزراء الاربعة والعشرين، ومع ذلك يقول وزراء الحزب انهم منفتحون على مناقشة أي اقتراح.
وبالنسبة لوزراء «المستقبل»، فهم مع مبدأ التوافق في اتخاذ أي قرار كما نصت آلية العمل، لكنهم ليسوا مع التعطيل السياسي. أما تفاصيل تجاوز التعطيل فيقول مصدر وزاري في «المستقبل»، انه لم يبحثها أحد معهم حتى الآن، وهم بانتظار ما سيقوم به الرئيس سلام حيالهم. وكذلك الحال مع وزير «المردة» ريمون عريجي ووزير «التيار الوطني الحر» جبران باسيل اللذين سيلتقيهما سلام خلال الأيام المقبلة لبحث الموقف المناسب، مع ان لكل منهما رأيه لكنه لن يستبق الأمور وسينتظر ما سيطرحه رئيس الحكومة.