اللبنانيون، ليل الثلاثاء، سهروا على انتظار الدخان الأبيض الذي يُفتَرض أن يطلع من السراي الحكومية، إيذاناً بظهور الحل لمعالجة الدخان الأسود المنبعث من النفايات المتراكمة في بيروت والمناطق.
قرابة منتصف الليل ظهر الدخان لكن لم يُعرَف ما إذا كان ذا لون أبيض أو أسود، وذلك بسبب الظلام الدامس الذي كان يلف الليل بسبب انقطاع الكهرباء، وحتى مع ساعات الفجر الأولى وبزوغ النهار، بقيت الحيرة سيدة الموقف بالنسبة إلى اللون:
هل هو دخان أبيض أو أسود؟
فالبيان الصادر عن المجتمعين يحتاج إلى فك شيفرة لحلِّ طلاسمه، فإذا كان الكنسُ واضحاً فإنَّ الجمع غير واضح، والمعالجة غير ممكنة وأماكن نقل النفايات مبهمة. وهذه عاقبة الإرتجالية وإرجاء الملفات حتى ربع الساعة الأخير في كلِّ شيء.
***
عملياً، ومن خلال التدقيق في كلمات البيان الذي تلاه وزير البيئة، فإنَّ لا شيء جديداً فيه، فليس فيه على سبيل المثال لا الحصر إسم منطقة واحدة ستُرسَل إليها النفايات، هذا دليلٌ على أنَّ الحكومة خائفة من شعبها، فهي لا تجرؤ على تسمية المناطق التي ستُرسل إليها النفايات، مخافة أن يتكرر معها ما حصل بالنسبة إلى أبناء إقليم الخروب، وأسوأ ما في خيارات الحكومة أنها تسأل سياسيي المناطق لأخذ إذنهم لنقل النفايات إلى تلك المناطق، متجاهلةً أنَّ الكلمة الفصل لم تعد في أيدي هؤلاء السياسيين، بل في أيدي جيل الشباب والمجتمع المدني وأنصار البيئة الذين يُقوِّمون حساباتهم ليس وفق قواعد إنتخابية بل وفق معايير صحية.
***
هذه الإرتجالية إلى ماذا ستُفضي؟
بدايةً، إنّها إرتجاليةٌ في كلِّ شيء وليس في ملفِّ النفايات فقط:
أين ملف النفط؟
أين ملف الكهرباء؟
بالمناسبة فإن الباخرة التركية منسية على شاطئ الذوق، فإلى متى ستستمر عندنا؟
لا يُفتَح ملفٌّ إلا بعد إستفحاله! ماذا كان يفعل وزير البيئة طوال هذه الأشهر المنصرمة؟
هل تكون مسؤوليته في الوزارة إشباع هوايته في التصوير الفوتوغرافي؟
بالمناسبة، هل صوَّر جبال النفايات؟
حين سُمِّي وزيراً للبيئة، إعتقد الناس أنَّه سيترك أثراً بيئياً جميلاً لجهة الصيد والشاطئ والطبيعة. على مدى أكثر من سنة من عمر الحكومة، ماذا فعل؟
حيناً يكون الحل عنده بإرسال النفايات إلى عكار. يسقط الإقتراح فيُخرِج ورقة إقليم الخروب. يسقط الإقتراح فيُخرج ورقة الكسارات المقفلة سواء في الشوف أو في المتن الشمالي أو في كسروان. هل هكذا يتمُّ التعاطي مع ملف من أخطر الملفات؟
هل المناطق حقول تجارب؟
معالي وزير البيئة، نقول لمعاليك بإسم كل البيئيين في لبنان:
لقد سقطت في الإمتحان!
حتى مناقصة 7 آب، ماذا ستُقدِّم أو تؤخِّر؟
هل أنت ممسك بخيوط لعبة المناقصات؟
يا معالي الوزير، المجتمع المدني والناشطون البيئيون بالمرصاد، فبعد اليوم لن تنفع التسويات والصفقات من تحت الطاولة، فهذا زمنٌ ولَّى.