Site icon IMLebanon

حكومة «بَيْ الكُلّ»

حكومة «بيّ الكلّ» التي إسمها «حكومة استعادة الثقة» هي إبنة شاردة بالحرام، والإبن الأرعن يسبّب لأهله المسبَّة.

ولعلّ «بيْ الكل» لم يحسن تسمية هذه الحكومة عملاً بقول الشيخ الرئيس إبن سينا: «من حقّ الولد على أبويه إِحسانُ تسميته..»

الحكومة التي تفقد الثقة بنفسها فلا تحتاج الى من يمنحها الثقة، وليست ثقة المجلس النيابي إلّا من باب تحصيل الحاصل، فالمجلس والحكومة أخوانِ مشتركانِ في الميلاد وفي الفساد، ومن السلالة ذاتها.

ولكن، نحن نظلم هذه الحكومة إنْ حكمنا على أحكامها، لأن الوزير في مجلس الوزراء ليس سيّد نفسه، وليس حاكماً بموجب أحكام الدستور، بل هو مأمور وحاكم بأمر السيّد الذي عيَّنهُ.

خَلْف هذه الحكومة رؤساء ستِّ حكومات يشكلون عهد وصاية داخلية على غرار عهد الوصاية الخارجية، يتحكمون بمجلس النواب ومجلس الوزراء،

ويتوزعون المناصب والمكاسب، والتعيينات والتشكيلات والتلزيمات، وفي الغرف المقفلة يصدرون المراسيم والقرارات ويرسلونها بواسطة الحمام الزاجل للبَصْم عليها في مجلس الوزراء كما في مجلس النواب.

وهؤلاء الذين يولّون علينا يتفقون مختلفين، ويختلفون متفقين، فالحكومة معهم حكومات، والموالاة فيها موالاة ومعارضة، والمعارضة فيها معارضة وموالاة، وإنْ همُ اتفقوا على أمرٍ فإنما يتمُّ رغم الأنوف قسراً، كما هو الزواج بالإكراه.

الخلاف قائمٌ مكشوفاً ومستوراً بين كلِّهم وبعضهم بين كلّهم المختلفين وبعضهم المتفقين… بين مَنْ عقدوا حلفاً استراتيجياً برعاية مدام بومبيدو في باريس، وبين الذين تعاهدوا على الودّ في معراب مرنَّحاً بكؤوس الشمبانيا المرفوعةً فوق قالبٍ من الحلوى.

والغريب، أنهم يسترون عورة الخلافات بالتفلسف على معاني الكلمات: بين ما هو اختلاف وما هو خلاف، فالإختلاف عندهم هو حالة صحيّة والخلاف هو أيضاً حالة ديمقراطية.

الخلاف على الحرب السورية والحرب في سوريا وعلى النزوح السوري وسلاح المقاومة والمواجهات الإقليمية، هو حالة ديمقراطية ووطنية جداً.

والإختلاف حول انتخاب رئيس للجمهورية على مدى سنتين ونصف السنة، وعلى قانون الإنتخاب على مدى تسع سنين، كانا أيضاً حالة صحية جداً.

هذا البلد أصبحت صحته في عهدة المزابل والصرف الصحي، ونهر الليطاني، وتلوّث مياه البحر وهواء البرّ.

وهذا البلد لم يتفق المسؤولون فيه بالإجماع وبرفع الأيدي وطأطأة الرؤوس، إلّا على أمر واحد، هو موضوع المحاصصة والهدر والفساد، وهذا الإتفاق أيضاً هو حالة صحية أصبحوا معه يشكون من التخمة والإنتفاخ.

ألا حفظ الله صحّة المسؤولين، وألهمَهُمْ نعمةَ حرق الدهون المتراكمة حول بطونهم.