IMLebanon

«التعديل الحكومي» يُدرس في الغرف المغلقة

تؤكد مصادر عليمة، بأن ما يثار على الساحة السياسية في موضوع التعديل الوزاري، والذي لم تنفه الأوساط المعنية، إنما هو حقيقة وأمر مطروح بجدّية، وعلى أعلى المستويات في «التيار الوطني الحر»، وبالتالي، فإن عملية تسريبه للإعلام لم تكن صدفة، بل القصد منها توجيه رسائل للوزراء المعنيين، وتحديداً الوزراء الذين سيطالهم التعديل، إلى القاعدة الشعبية لـ«التيار الوطني الحر»، عبر الإيحاء بأن أداء هؤلاء غير مقنع، و«التيار» يطمح إلى تقديم أفضل الوزراء من بين صفوفه ليكونوا فاعلين ومنتجين.

أما لماذا هذا التعديل، فتقول المصادر العليمة نفسها، أن وزير الخارجية جبران باسيل، يواكب الإستحقاق الإنتخابي من جوانبه كافة، والجميع يدرك بأن هذه الحكومة ستدير الإنتخابات النيابية المقبلة، ولذلك، فإن «الوطني الحرّ» بحاجة إلى وزراء من ذوي الخبرة في الإستحقاق الإنتخابي، وفي الزواريب التي تؤدي الغرض المطلوب لناحية الكسب الشعبوي، والتواصل مع القواعد الشعبية من خلال الوزارات التي من شأنها أن تدير اللعبة كما هو مطلوب، ولا سيما في هذه المرحلة، إضافة إلى ذلك، تتابع المصادر نفسها، أن الهدف الآخر يكمن في إيجاد وزراء يُتّكل عليهم في المواجهات السياسية داخل الحكومة وخارجها، على اعتبار أن الانقسامات والتباينات داخلها بدأت تظهر بوضوح، خصوصاً حيال ملف النازحين السوريين، والذي سيتفاعل أكثر في المرحلة المقبلة، إلى قضايا كثيرة تستوجب التعديل الوزاري، حسبما يرى أكثر من مسؤول في «التيار الوطني الحر» ضرورة ولوج هذا الخيار، والذي يُدرس في الغرف المغلقة، ولكن حتى الآن ليس هناك من قرار حاسم ومتّخذ، باعتبار أن ثمة اعتبارات كثيرة تُدرس كي لا تسبّب أي ارتدادات سلبية على مستوى من سيطالهم التعديل أو المقرّبين منهم ومحيطهم، وبمعنى أوضح، فإن كل الأمور محسوبة النتائج، لذلك، ستتوضّح ماهية هذا التعديل في فترة قريبة.

وفي سياق آخر، كثر الحديث في الساعات الماضية عن فتور يعتري العلاقة بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» حول عناوين محدّدة، وفي طليعتها، ما جرى مع الموقوفين الذين توفّوا داخل السجن، وهنا يقول مصدر وزاري مطّلع، أن لقاء الرئيس سعد الحريري مع وزير الدفاع يعقوب الصرّاف ومع قائد الجيش العماد جوزف عون، حسم هذا اللغط الدائر حول موقف رئيس الحكومة، الذي يؤكد في مجالسه على ثوابت حاسمة، أولاً بالنسبة لعلاقته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كخط أحمر، والأمر عينه مع الجيش وقيادته، ولهذه الغاية، فإنه لأول مرة في جولاته الخارجية يصطحب معه مسؤول عسكري، وسيكون موضوع تسليح الجيش اللبناني البند الرئيسي على جدول أعمال زيارته، وبالتالي، فإن التنسيق بين «الوطني الحرّ» و«المستقبل» جارٍ على قدم وساق، وذلك على الرغم من الأصوات التي تصدر عن بعض القيادات السنّية، والتي ترى أن هذا التحالف سيضرّ بالحريري سياسياً وانتخابياً.

وفي هذا المجال، تؤكد مصادر محيطة بتيار «المستقبل»، بأن ما يسمى بمجموعة العشرين، والتي هي بمثابة الدائرة الضيقة حول الرئيس الحريري، والتي تسدي له النصائح، ترى وجوب الحفاظ على هالة تيار «المستقبل» وشخصية زعيمه، والحدّ من تقديم التنازلات دون أي ممانعة بأن يجري التحالف مع «التيار الوطني الحر» سياسياً وانتخابياً، على أن تعالَج الملفات الخلافية كما مع سائر الأطراف الأخرى على طاولة مجلس الوزراء.

ويبقى أن المعلومات حول جولة الحريري الخارجية، بحسب مطّلعين على واقع المجتمع الدولي الراهن ونظرته إلى لبنان، أن هذه الجولة لن تكون كما الجولات السابقة التي كان يقوم بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بمعنى أنها تذكّر زعماء العالم بمعاناة لبنان حول ملف النازحين، وصولاً إلى الوضع الإقتصادي المأزوم، وحاجة لبنان إلى دعم كي يخرج من أزماته، فالأمور تبدّلت، ولا يتوقّع أحد بأن تكون هذه الجولات على قدر الآمال المتوقّعة، وهذا ما يقوله أحد الاوزراء المخضرمين، الذي يعتقد أن الأولوية لدى واشنطن وروسيا والمجتمع الدولي بشكل عام تتمحور حول الحرب السورية، وإعادة إعمار سوريا في وقت لاحق، وصولاً إلى ما يجري في العراق، ولهذه الغاية لا يعوّل كثيراً على الوعود الخارجية، والدلالة ما حصل في بروكسل بعد المؤتمر الذي عقد منذ أشهر حول موضوع اللاجئين السوريين، وسبل دعمهم في المناطق التي يتواجدون فيها، إذ وحتى الآن ما وصل من مساعدات إنما هو جزء يسير من الوعود التي أغدقت على لبنان، ولا سيما أن جولات الحريري تتزامن مع توقّع تطوّرات عسكرية في جرود عرسال، وفي حال حصلت أي معارك، فإن الحريري سيوجَه في واشنطن، وحتى في الرياض، بلوم على عدم اتخاذ الحكومة اللبنانية قرار المواجهة، وترك اللعبة بيد «حزب الله»، في ظل الإجراءات والعقوبات المتّخذة بحقه دولياً.