IMLebanon

الحكومة والتأليف

 

هل يحلّ اللقاء اليوم بين رئيس الجمهورية العماد عون والنائب وليد جنبلاط واحدة من عُقد التأليف الحكومي، فتتحلحل الأمور المستعصية على الحلّ حتى الساعة، يتمنّى اللبنانيّون أن يستيقظوا ليجدوا الحكومة العتيدة قد ولدت، وانتهى هذا المشهد الطويل، ولكن لا شيء يدعو إلى التفاؤل في بلدٍ «عويص» كلبنان، لا شيء على الإطلاق!

 

لا يظنّن أحد أنّ حزب الله الساكت حتى الآن لن يخرج عن صمته ليضع لوائح ممنوعاته ومسموحاته، الرئيس سعد  الحريري في إجازته، وعندما يعود منها سيجد أنّ الأفخاخ المنصوبة لا تزال كذلك، خصوصاً في موضوع «الأحجام»، وإن تجاوزها بقدرة قادر، فالفخّ الثاني سينصب تحت عنوان تقاسم حصص الوزارات وهي مقدرات الشعب التي دأب الأفرقاء على مصادرتها وكأنّهم ورثوها عن آبائهم، وإن نجا من شر فخّ تناتش الوزارات فبانتظار «الفخّ الدّائم» لكلّ الحكومات وهو سبب خراب لبنان بالثلاثية المزورة «شعب وجيش ومقاومة»!

وإن استطاع الرئيس الحريري تجاوز كلّ العوائق، فستأتي اللحظة الحاسمة لبلد مشحون بمخاوف كثيرة من أزمة اللاجئين التي تثقل كاهل لبنان بعبء إقتصادي، إلى سيف العقوبات المرفوع فوق رأسه، إلى الكلام المخيف عمّا ينتظر لبنان إقتصاديّاً من انهيار!

عندما كتبنا أنّ العبرة بالتأليف لا بعدد النوّاب الذين سمّوا رئيس الحكومة في استشارات التكليف، كتبنا ذلك لأننا ندرك طبيعة «الشياطين» اللبنانية، هذه الحكومة تحديداً وبالرّغم من ادّعاء الجميع رغبته في إنجاح مهمة تأليفها، إلا أن العصيّ في دواليبها كثيرة، وعسى أن يكون اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع أول من أمس قد أسقط كلّ البطاقات الحمر المرفوعة في وجه القوات اللبنانيّة وهي شريك أساسي في إخراج هذه الجمهورية من مأزقها، في أقلّ الاحتمالات تشكيل هذه الحكومة سيستغرق أسابيع أخرى، وبالرّغم من كلّ الحراك الذي يوحي بأنّ العقد ستفكّ.

حتى أكثر المتفائلين تيسيراً يعرف أنّ مشهد الأيام المقبلة ستكشف واقعيّة المثل الشعبي اللبنانيّ «ما في عصي عقدّ العميان»، إذ لا يوجد وزارات سياديّة وأساسيّة تساوي عدد الطامعين في جبنة السلطة، وما لم يتنبّه له أحدٌ حتى الآن ما هو مصير التعاطي الدولي مع وزارات يريد حزب الله الحصول عليها، كيف سيكون حال وزارة الصحة والتعاون بينها وبين دول تقدّم للبنان مساعدات على مستوى الصحة العامّة، أيّ دولة ستقبل بالتعاطي مع حزب مصنّف إرهابي؟!

التعاطي الدولي مع حزب الله، والعقوبات المرتقبة عليه وعلى حلفائه، هل هناك احتمال أن تمتدّ إلى وزاراته؟ ثمة غموض والتباس في وضع حزب الله داخل الحكومة اللبنانيّة العتيدة، وهذه أسئلة تخطر في بال كلّ لبناني لكن لا أحد يملك الإجابة عنها، قد نحصل على هذه الإجابة بعد قمة «ترامب ـ بوتين» والاتفاق الذي سينتج عنها بإخراج إيران وحزب الله من سوريا، وما سيتبعه من انعكاسات على الوضع في لبنان!

سبق وأكّدنا مع تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات النيابيّة أنّ خبرة اللبنانيين منذ العام 2005 تؤكّد أنّ التأليف يحتاج إلى صبرٍ طويل، وأنّ الحديث عن بضعة أسابيع سيستغرقها التشكيل يُجافي واقعية السياسة اللبنانيّة المُعقّدة والتي تزداد عُقداً على عقد، لا نزال عند رأينا هذا، وإن تحلحلت عقد فستظهر عقد جديدة، لبنان بلد العُقد والتعقيد!

ميرڤت سيوفي