1 ـ
ارتكبت الحكومة خطأً قاتلاً عندما تركت اللبنانيّين «نَهْباً» للقلق والشائعات ولوائح الضرائب المزوّرة، ولبازارات «الأولاد» الباحثين عن دعاية إنتخابيّة، كان من الأوْلى والأجدى أن تنصرف الحكومة إلى تكليف مجموعة من وزرائها لوضع النّاس في الصورة الحقيقيّة للضرائب الجديدة التي تحتاج إلى إقرارها إنقاذاً للمواطن من حال الفقر المدقع التي آل إليها حاله…
من دون أدنى شكّ؛ الشعب اللبناني عملاق، وصبور، وفَطِنْ أيضاً، وهذا الشعب يعيش منذ 14 شباط العام 2005 أزمةً كبرى انفجرت بوجهها الحقيقي مع حرب 12 تموز العام 2006، وإدخال حزب الله لبنان دوّامة إفلاسٍ متعمّدٍ للدولة وتعطيل مؤسساتها، ومن دون أدنى شكّ أكّد اللبنانيّون مجدّداً ـ بعد تجربتهم في الحرب الأهليّة ـ أنّ لبنان وطن لا يموت وأنّهم أيضاً شعبٌ لا يموت، ببساطة يُدرك اللبنانيّون أيضاً أنّنا وطنٌ لا يمتلك مقدّرات الصمود الاقتصاديّ من دون السياحة، وما قاله بالأمس الدكتور سمير جعجع عن هذا الأمر وعن تهجير السيّاح العرب وضع الإصبع في عمق الجرح اللبناني، وليس لديّ أدنى شكّ أن حزب إيران يتحمّل مسؤوليّة ما وصل إليه الحال في لبنان، ويُدرك اللبنانيّون أنّ إقرار أي سلسلة رتب ورواتب لن تجد مصدراً لتمويلها سوى إقرار ضرائب في مجالات معيّنة، وهذا أمرٌ يتوجّب علينا فهمَه وتفهّمه، إلا إذا كان اللبنانيّون يتوقعّون مثلاً أن تموّل إيران «خزينة الدولة» مقابل استسلامنا لاحتلالها!!
عتبنا هو على خطأ «حسن النوايا» الذي ما زالت الحكومة تتعامل به مع «أخبث النوايا»، لماذا لم يُعقد المؤتمريْن الصحافيّين اللذيْن عقدهما بالأمس وزير المالية علي حسن خليل، والنائب إبراهيم كنعان منذ لحظة نشر اللوائح المزوّرة للضرائب الوهميّة التي ادّعاها البعض، والمطلوب تحقيق واسعٌ وشامل تعلن نتائجه يكشف الأسماء التي سعت برميْ البلد في أتون «فتنة» من أجل مكاسب ومصالح شخصيّة وانتخابيّة، أمّا الرئيس سعد الحريري فأفضل ما قرأت عن موقفه يوم الأحد الماضي هو جملة جوهرية كتبتها الصديقة حبيبة درويش على موقع Facebook قالت فيها: «بالمختصر الحريري نزل لعند الناس بس للأسف الناس ما قدرت تطلع لعنده».
2 ـ «إلى أُمَّيّْيَ»
ثلاثةٌ وعشرون عاماً على غياب أمّي، ما أثقل السنين، وما أصعب العيد الأوّل على الفراق، قلبي اليوم على صديقتي ماجدة الرومي والعيد الأوّل الذي يمرّ بعد أشهرٍ قليلة على غياب «مرمورتنا»، وقلبي أيضاً على «أخي العزيز» الدكتور سمير جعجع بعد أسابيع قليلة على انتقال والدته السيّدة ماري.. قلبي اليوم مع كلّ الذين يحلّ عيد الأمّ وهم تحت وطأة وجع الفقد والغياب…
من نِعَم الله عليّ في حياتي، أنّني ولدتُ مرّتيْن، مرةً لبدني ومرّة لروحي… فحظيتً بولادتيْن واحدة ترابيّة وثانية روحيّة، في هذا اليوم إلى «أُمّيْيَ» إلى التي ولدتني وزرعت فيَّ معاني الصدق والكرامة والانتماء للبنان، والتمسّك بكلمة الحقّ ولو على قطع رأسي، وكانت أول من آمن بموهبتي ككاتبة وكانت حافزي الأول للتقدّم، من فتحت لي منذ العاشرة من عمري بوّابة الكتاب والمعرفة والتعلّم، أحنّ إلى فنجان قهوتك وإلى شجاراتنا…
وُلدتُ لروحي في الثالثة والعشرين من عمري، بعد سفرٍ شاقٍ في مفازات الروح، سنوات خمس من سفر الروح في الروح ورجال الله، ليلي ونهاري متصّلٌ بطرفٍ هوى السيدة الجليلة رابعة العدويّة، حتى أكرمني الله بولادتي الثانية، إلى «أمّ روحي»، «أمّي الإلهيّة» و»رابعتي» و»فاطمتي»، «فاطمة بنت ابن المثنى القرطبي»، ترفّقت بضعفي وتقصيري وأخذتني إلى خزائن المعارف الإلهيّة فأشرقت على قلبي لوامع عشقُ أنوار النبوّة، حفظك الله وجعلني عندك كالذي قالت فيه بنت ابن المثنّى القرطبي «ما رأيت مثل فلان إذا دخل علي دخل بكلّه لا يترك منه خارجا عني شيئاً» وإذا خرج من عندي خرج بكلّه لا يترك عندي منه شيئاً»…
أتوجّه بالشكر لكلّ من خصّني بالاطمئنان والسؤال عن صحّتي، وخالص شكري للعناية التي أحاطني بها أطباء مركز كليمنصو الطبي وعلى حسن رعايتهم.