لقاء معراب بين الدكتور سمير جعجع ونادر الحريري وهاني حمود، أشّر على عودة المياه الى مجراها الطبيعي بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية، بعد تشتت وفقدان اتجاه، أعقب اعلان الرئيس سعد الحريري عن التسوية الرئاسية.
وسبق اللقاء التقاء نواب الطرفين في المجلس وظهور الرئيس فؤاد السنيورة والنائب جورج عدوان في مؤتمر صحافي مشترك، حرص خلاله السنيورة على اعتبار خطوة الرئيس الحريري بتسمية النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية مجرد افكار وليست مبادرة… وعلى هذا الايقاع عزف النائبان احمد فتفت وجمال الجراح.
هذا التقليل من وهج المبادرة، بحسب توصيف المستقبل، لم يبعدها عن صدارة الاهتمامات الرئاسية، ما يوحي بأن ثمة وجهتي نظر داخل المستقبل من هذا الترشيح، مستمرتان…
لكن مصدراً واسع الاطلاع في ١٤ آذار لا يرى أن صفحة رئاسة فرنجيه للرئاسة طُويت، بمعزل عما قاله في اطلالته التلفزيونية أمس، أو قبلها، اقتناعاً منه بأن فريق الثامن من آذار، وباستثناء التيار الوطني الحر، ليس ضد وصوله الى بعبدا، لكن هذا الفريق وعلى رأسه حزب الله يراهن على الوقت، لتكوين قناعة العماد عون بأفضلية فرنجيه لهذه المرحلة، حيث ستكون المعادلة السياسية، الرئاسة للثامن من آذار ورئاسة الحكومة للرابع عشر منه، والمعادلة العملية: الرئاسة لفرنجيه والسلطة لحزب الله، وهذا ما يرفضه أهل الحكومة.
ويذهب المترددون في دعم فرنجيه الى التهويل بأن العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لن تكون سوى مساكنة ظرفية غير قابلة للديمومة، بحكم الاوضاع الاقليمية المتفجرة، وانعكاساتها على لبنان، خصوصاً في حال اصرار الثامن من آذار، على الثلث المعطل في مجلس الوزراء، والثلاثية الشهيرة، في البيان الوزاري…
بالمقابل ثمة من يذكّر بترشيح الرئيس الشهيد رفيق الحريري للنائب سليمان فرنجيه عام ٢٠٠٤، تجنباً لخيار التمديد للرئيس اميل لحود، مرفقاً بالتساؤل عما اذا كان ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب فرنجيه، غايته تجنيب لبنان المزيد من التمديد للفراغ الرئاسي والشلل الحكومي…
هؤلاء المترددون، يتصورون ان فريق ١٤ اذار سيتعرض للمزيد من الضغوط الخارجية للسير في موكب فرنجيه، باعتباره الخيار المرحلي الأنسب، وهو قد يمشي في هذا الخيار ضمن شروط مبدئية كالتي تطرحها القوات اللبنانية وحزب الكتائب، يضاف اليها شرط أن لا يعلن ترشيح فرنجيه باسم ١٤ آذار، وبالتالي لا بأس ان صدر الترشيح عن تيار المستقبل مباشرة…
غير ان الأطراف الراغبة بمتابعة خيار زعيم المردة، لا ترى أن المستقبل سيكون على صورة الحاضر، خصوصاً بعد التحول الدولي الواسع نحو التسويات الاقليمية، التي بدأت باليمن وامتدت الآن الى سوريا، حيث مقومات المرحلة الانتقالية على نار حامية، منذ تحول الطيران الحربي الروسي من قصف كل معارضي النظام وجيشه، الى القصف الدفاعي عن الجيش السوري الحر المهيأ لحماية المرحلة الانتقالية وربما ما بعدها…
ومع ترميم ١٤ آذار لتصدعاتها ضمن اطار ما يوصف بتنظيم الاختلافات والعودة الى القواعد التنسيقية المعتادة، ووقف التفرد والالتزام بالمواقف الترشيحية، يبدو فريق الثامن من آذار أقل تصدعاً، رغم الخرق الذي شكله ترشيح فرنجيه لتماسك هذا الفريق.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، أي حل ممكن لأزمة العلاقة بين العماد عون وبين منافسه المفترض على الرئاسة سليمان فرنجيه، بحيث يتقدم هذا الفريق الى السباق الرئاسي بمرشح واحد؟
الفريق الداعم لفرنجيه لدى هذا الخط، يفضل اعتماد التقية في التعبير عن موقفه، اي قول ما لا يضمر، وفعل خلاف ما يعلن، اما الفريق المعارض له، والمتمسك بخيار العماد ميشال عون فقد قرر اعتماد سياسة الايحاء، وكأن ترشيح فرنجيه لم يحصل أصلاً، وبالتالي ان العماد ميشال عون وحزب الله، لم يعرقلا وصوله الى بعبدا، افتراضاً من فريق العماد عون بأن ترشّح فرنجيه للرئاسة، غيمة صيف عابرة، في حين يرى الآخرون انه الأكثر ملاءمة للمرحلة اللبنانية والسورية الراهنة، الا اذا قرر الموارنة الأقوياء الأربعة، الاعتراف بضعفهم الرئاسي، والعودة تالياً الى منتدى الوسطية والاعتدال.
اذا كان قدر الثلج أن يتحول الى ماء، فهل قدر الحلفاء أن يتحولوا خصوماً ومتنافسين؟ –