الحكومة تبدأ بتنفيذ أولويات بيانها الوزاري وأول الغيث مراسيم النفط ومجلس النواب يتحضَّر لورشة تشريعية لملاقاتها في منتصف الطريق
«اتصالات ومشاورات لمعالجة مشكلة قطع الحساب وإقرار الموازنة.. ومرونة سياسية واضحة حول قانون الإنتخاب»
ينتظر أن تنسحب مناخات الانفراج السياسي التي ظهرت من خلال السرعة القياسية التي نالت فيها حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة، على المرحلة المقبلة خصوصاً على مستوى العلاقة بين مجلس النواب والحكومة، فالحكومة تستعد لمقاربة المشاريع الحيوية التي هي على تماس مباشر مع النّاس للعمل على معالجة مشاكلها، ومن بينها أزمات النفايات والكهرباء وصولاً إلى زحمة السير الخانقة التي تشهدها الطرقات في العاصمة وباقي المناطق أيضاً، بالإضافة إلى استحقاقات أساسية تشكّل حجر الزوايا لانتظام الوضع العام ومن بينها تهيئة الظروف المناسبة لمناقشة صيغة ملائمة لانتاج قانون جديد للانتخابات، وكذلك الانتهاء من وضع المراسيم التطبيقية للنفط والذي ربما يكون على جدول اعمال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء في الأسبوع الأوّل من العام المقبل.
وفي مقابل ذلك يستعد مجلس النواب لملاقاة الحكومة بورشة تشريعية تشكّل رافعة لها تمكنها من إنجاز المهمة الملقاة على عاتقها خلال أشهر قليلة، إذ ان رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي يحرص على إبداء ارتياحه للأجواء السياسية الراهنة سيوعز إلى الأمانة العامة لمجلس النواب لكي تخرج المشاريع واقتراحات القوانين من ادراج المجلس، ووضعها من ضمن جدول اعمال يمكنه في اثره من الدعوة الى جلسات تشريعية لمناقشة وإقرار المشاريع الحيوية لا سيما منها المتعلقة بالمال والأوضاع المعيشية والاقتصادية، اضافة الى المشاريع التي ينتظر ان تحيلها الحكومة الجديدة على المجلس للبت بها وهي تتعلق بقروض مالية ومعاهدات ومشاريع إنمائية، هذا بالإضافة إلى مشروع الموازنة الذي ستوليه الحكومة أهمية بالغة إذ انه لا يمكن ان يُدعم الاستقرار ويستمر في ظل دولة لا موازنة لها وهي تصرف منذ العام 2005 على القاعدة الاثني عشرية.
وقد فهم في هذا الإطار ان اتصالات ومشاورات ستجري تحت سقف هذا التوافق لإيجاد مخرج لمسألة قطع الحساب، لأن هذا الأمر لا يمكن ان يحل الا من خلال تفاهم سياسي كبير، والمناخات الموجودة حالياً مؤهلة بشكل فعلي لتأمين مثل هذا التفاهم.
وإذا كان الرئيس برّي ينوي ان يُعبد الطريق إلى أبعد الحدود على المستوى التشريعي امام الحكومة، فإن ذلك لا يعني ان الحكومة ستعمل على هواها، وقد أشار رئيس المجلس إلى ذلك بوضوح من خلال إعلانه بأنه سيحاول عقد جلسة مساءلة للحكومة مع نهاية كل شهر، وقد سبقه في ذلك الرئيس الحريري الذي وعد في بيانه الوزاري بأن تقدّم الحكومة تقارير شهرية عن عملها. مع الإشارة إلى ان المادة 136 من النظام الداخلي تنص على انه بعد كل أربع جلسات عمل على الأكثر في العقود العادية او الاستثنائية تخصص جلسة للاسئلة والاستجوابات، وهذا الأمر من شأنه ان يمكن المؤسسات الدستورية من أخذ دورها واستخدام صلاحياتها على مبدأ فصل السلطات بما ينظم العمل ويجعله منتجاً.
وفي تقدير مصادر سياسية متابعة أن الوضع اللبناني مقبل على حالة من الاستقرار على مختلف الصعد، ومن بشائر ذلك كان التفاهم على انتخاب رئيس، ومن ثم تأليف الحكومة ونيلها الثقة في سرعة غير معهودة من قبل حيث كانت الحكومة تنتظر ثلاثة أيام ليلاً نهاراً لنيل الثقة بعد مناقشة بيانها الوزاري، وأضف إلى ذلك كلّه ما يطبخ من تسوية للمنطقة في المطابخ الدولية وبدأت معالم هذه التسوية تظهر من خلال التفاهم على وقف لإطلاق النار على الجبهات السورية بين النظام وقوى المعارضة والذي سيدخل مرحلة التنفيذي بدءاً من اليوم، وهذا الأمر إن حصل كما هو مرسوم له فإنه بالتأكيد سيكون له تداعيات إيجابية على مجمل الوضع اللبناني وربما يؤدي ذلك إلى تأمين المناخ المطلوب للتفاهم على الاستحقاقات المقبلة والتي يأتي في مقدمها قانون الانتخاب، حيث بدأت مختلف القوى السياسية تبدي مرونة في مواقفها من هذا القانون، وكان آخر ما قيل في هذا المجال على لسان السيّد إبراهيم السيّد الذي زار بكركي على رأس وفد من الحزب حيث أعلن انفتاح الحزب على أي قانون للانتخابات، مع انه ينحاز الى النسبية الكاملة، وهذا الموقف وغيره من مواقف الأطراف السياسية من شأنه أن يُشكّل حجر أساس للانطلاق من خلاله في مقاربة الصيغ المطروحة تمهيداً للوصول إلى صيغة مشتركة يولد من خلالها القانون الجديد للانتخابات.
وتلفت المصادر الانتباه إلى ان الأطراف السياسية ستجد نفسها مجبرة على اعداد قانون جديد يؤمن اجراء الانتخابات النيابية بغض النظر عن إمكانية تأخير موعدها لبضعة أسابيع لأسباب تقنية أو ما شابه، وذلك يعود إلى ارتفاع منسوب الضغوط الدولية التي تحفز على اجراء هذه الانتخابات من جهة ومن جهة ثانية الخوف من نزول المجتمع المدني إلى الشارع رفضاً لأي تمديد أو اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين الذي نعاه أكثر من طرف سياسي، وتبرأت منه أطراف أخرى.