لا يكاد يمرُّ يوم إلا وتكون هناك ورشة:
إما نيابية أو حكومية أو قضائية أو مالية.
أمس كانت هناك ورشة قضائية تمثَّلت في افتتاح السنة القضائية تحت عنوان:
بإسم الشعب تُبنى الدولة.
جيد جداً هذا العنوان، وفي حال اقترن بالفعل والتطبيق، يكون البلد عملياً قد دخل في مدار دولة القانون، فالدولة، عن حق، تُبنى باسم الشعب لأنها لو لم تكن كذلك لكانت تُبنى بإسم السياسيين ومن أجل مصالحهم.
وأهمية هذا الشعار أنه يأتي بعد فترة وجيزة من التشكيلات القضائية التي غطت لبنان قضائياً، وهي المرة الأولى التي تجري فيها بهذه الشمولية منذ سنوات عديدة، وهكذا يوضع القضاء على طريق الإنتظام، ولهذا فإنَّ هاجس رئيس الجمهورية هو ضرورة الإسراع في بتّ الأحكام في الملفات المطروحة أمام القضاة على مختلف المستويات القانونية والقضائية، لأنّ العدالة المتأخّرة، ليست عدالة.
***
ومن الورشة القضائية إلى ورشة تمتين العلاقات مع الدول، من أصغرها إلى أكثرها تأثيراً. في هذا السياق يغادر الحريري إلى قبرص ملبّياً دعوة الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس الذي زار لبنان مطلع هذا الصيف، ويُجري معه محادثات تتناول الأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وعُلم أنَّ ملف النفط لن يكون غائباً عن المحادثات، خصوصاً أنَّ بلوكات الغاز بين لبنان وقبرص تتقارب.
***
كما في سياق تنشيط الحركة الدبلوماسية مع الخارج، يغادر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بيروت إلى الكويت يوم الأحد من الأسبوع المقبل. اللافت أنَّ في عداد الوفد المرافق المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ما يعني أنَّ هناك ملفات حساسة ودقيقة تستوجب أن يكون اللواء ابراهيم في الوفد.
***
في مقابل هاتين الورشتين القضائية والدبلوماسية، هناك تركة ثقيلة من العهد السابق، عهد الشغور، تتعلق بمعضلة إدارة ملف النفايات، وفي كل مرة يتقدَّم هذا الملف إلى الواجهة، تظهر قضية المأزق الواقع فيه هذا الملف.
مجلس الوزراء في جلسته أول من أمس، كلَّف مجلس الإنماء والإعمار توسيع مطمري الكوستابرافا في خلدة وبرج حمود عند المدخل الشرقي الشمالي لمدينة بيروت. وحجة التوسيع أنَّ المطمرين لم يعودا يستوعبان المزيد من النفايات.
القرار يبدو أنَّ دونه إعتراضات، إذ بدأت تصدر أصواتٌ سواء من المنطقة القريبة من الكوستابرافا أو من برج حمود، تعترض على هذا الإجراء لأنه سيتسبب بالمزيد من التلوث ومن المخاطر، خصوصاً بالنسبة إلى حركة الطيران في ما يتعلق بمطمر الكوستابرافا، وكذلك بالنسبة إلى الأمراض التي يسببها المطمران.
ولم يقتصر الأمر على التجديد للمطمرين بل على السير بمعامل حرق النفايات في بيروت، أي ما يُعرَف بمعامل التفكك الحضاري.
بين الملفات المندفعة والملفات المتعثرة، كيف ستوفِّق السلطة التنفيذية بين هذين التناقضين؟