المعارضة لمـــزيد من التفكك وتسخين على محور المستقبل ــ الــقوات
هل يجري العمل لتغييراو تعديل حكومي؟
هذا السؤال اخذ يطرح مؤخرا بعد مرور مهلة المئة يوم التي قطعتها الحكومة على نفسها من دون تحقيق نتائج ايجابية ملموسة على صعيد تدهور الوضعين الاقتصادي والمالي واستتباعا الوضع المعيشي.
ووفقا لمصادر مطلعة فإن بعض المعارضة او المغالين بالمعارضة يتحمسون لاستحضار هذا السؤال اكثر من مرة خصوصا في ضوء التطورات التي سجلت في الاونة الاخيرة على صعيد تدهور سعر الليرة الدراماتيكي او الخلافات والارباكات التي شهدتها وتشهدها الحكومة.
لكن هذا التساؤل المقرون بالرغبة احيانا لا يقتصر على المعارضة او جزءا منها بل يطاول البعض في الموالاة او المشاركين في الحكومة.
والحقيقة كما يقول مصدر سياسي بارز ان الاقدام على تغيير او تعديل حكومي دونه في الوقت الحاضر عقبات لعلّ ابرزها «غياب البديل الافضل والمضمون، وصعوبة المجيء بحكومة جديدة تستطيع ان تفعل ما عجزت وتعجز عنه حكومة الرئىس دياب.
ويضيف المصدر ان فكرة او اقتراح تغيير او تعديل الحكومة لم تطرح بين القوى السياسية الاساسية ولم تلق حتى الان استحسانا من القوى المشاركة في الحكومة رغم انزعاج واستياء بعضها من الاداء العام لها ومن تقصيرها في تسريع الخطوات اللازمة لوقف التدهور.
وينفي المصدر ان يكون قد طرح جديا اي تعديل حكومي، مشيرا الى ان احداث تغيير على هذا المستوى باستبدال بعض الاسماء بأسماء اخرى لن يقدم او يؤخر، وستبقى المشكلة قائمة.
ووفقا للمعلومات ايضا فإنه على الرغم من الخلافات والتباينات التي سجلت وتسجل بين مكوّنات الحكومة حول العديد من الملفات فإن الرئىس دياب الذي يشعر بشيء من الضيق بسبب الضغوط التي يتعرض لها من الداخل، لا يحبّذ البحث بأي تعديل حكومي ولو كان محدودا، لانه يدرك ان الاقدام على هذه الخطوة سيزيد من اهتزاز الوضع الحكومي ولن يحصّنها.
لذلك فإنه يتعاطى مع الوضع كأن الحكومة ولدت امس ولم يبلغ عمرها الاربعة اشهر.
وبرأي المصدر ان عاملا مهما يسجل لصالح الحكومة ايضا هو تبعثر المعارضة وعدم قدرتها على ممارسة ضغط حقيقي عليها لاحداث التغيير، هذا عدا عن ان الحراك الشعبي لم يتمكن منذ تشرين وحتى الان من توحيد اطار وموقفه لا بل تعرض في كل هذه الفترة لانتكاسات عديدة لاسباب معروفة تتعلق باختلاف المجموعات المشاركة في الانتفاضة وبتدخل بعض الاحزاب في التأثير على عدد من هذه المجموعات او الدخول مباشرة على موجة الانتفاضة.
وكما هو معلوم فإن محاولات جرت سابقا لتوحيد المعارضة وقواها الاساسية المستقبل «والقوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي لكن هذه المحاولات باءت كلها بالفشل حتى ان احد السياسيين المخضرمين قال في احد مجالسه «تستطيع ان تجمع بعض المعارضة مع بعض الموالاة، لكنك لا تستطيع اليوم جمع اطراف المعارضة».
وتقول المعلومات ان محاولة الحزب التقدمي منذ اسابيع التقريب بين اطراف المعارضة اصطدمت بالخلافات حول التوجهات والاهداف، لا بل ان رئىس حزب القوات سمير جعجع لم يبد حماسا لما سمعه في هذا الإطار من موفد جنبلاط النائب اكرم شهيب.
كذلك فإن «المجاملات» التي سجلت بين المستقبل «والقوات» منذ اسابيع ايضا تبخّرت سريعا وبدت عاجزة عن تجاوز التعقيدات والخلافات الحادة بين الطرفين منذ ازمة توقيف الرئىس الحريري في المملكة العربية السعودية وتداعيات موقف جعجع من حليفه السابق وتركه في اول امتحان يتعرض له.
بالاضافة الى ذلك، فإن اسبابا اخرى تراكمت لتزيد الهوة في العلاقة بين الحريري وجعجع ابرزها عدم تسمية الثاني للاول لتأليف الحكومة.
وتقول مصادر مطلعة ان هذا التوتر بالعلاقة في تصاعد مع اتساع رقعة الخلافات بين الجانبين، وتوجّس رئىس الحكومة السابق من تصرفات ومواقف جعجع الاخيرة ما زاد ويزيد من ازمة الثقة بينهما ومن السجالات العلنية ليس بين انصار كل منهما، كما درجت العادة بل ايضا بينهما شخصيا حيث جاء رد الحريري شديدا امس على ما ادلى به جعجع «للاهرام» المصرية مغردا «ما كنت اعرف ان حساباتك دقيقة. كان لازم اشكرك لأنّوا لولاك كان من الممكن انو تكون نهايتي. معقول حكيم؟ انت شايف مصيري السياسي كان مرهون بقرار منك؟
يعني الحقيقة هزلت، يا صاير البخار مغطّي معراب او انك بعد ما بتعرف سعد الحريري».
وكان جعجع قال «للاهرام المصرية» انه رفض دعم عودة الحريري لرئاسة الحكومة «خوفا عليه وحتى لا تكون نهاية مسيرته السياسية…»
ومما لا شك في ان هذا التخاطب الصدامي المباشر بين الرجلين يعكس صورة وترهل جسم المعارضة السياسية للحكومة لكن هذا لا يعني انها في افضل حال او انها ستبقى محصّنة لفترة طويلة.
ويقول مصدر سياسي بارز ان قرار تغيير الحكومة يحتاج الى عوامل داخلية وخارجية وهذه العوامل غير متوفرة في الوقت الراهن، لكنه اذا استمر المسار الانحداري لأدائها وفعاليتها فإن كل شيء وارد، وهذا مرهون في ما سيحمله هذا الصيف من تطورات.