استوقفني كلام للوزيرة النشطة السيدة ندى البستاني التي تعطي انطباعاً جيداً عن أن المرأة اللبنانية لا ينقصها أي شيء ليس فقط لمجاراة الرجل في أرفع المواقع والمناصب بل أيضاً لتبزه وربما تتفوق عليه. وقد تابعت بتقدير زيارتها العملانية الى بعلبك حيث رافقت الفرق المعنية بإزالة المخالفة على شبكة التيار الكهربائي. وبالرغم من أن العملية الناجحة تمت تحت الأضواء فإنّ ندى البستاني كانت في ذروة التواضع واحترام الذات.
أعود الى كلامها الذي استوقفني حول قرار اتخذ بالتأكيد على أن «سوق الأحد» يقوم على أرض في سن الفيل هي في عداد الأملاك النهرية وبالتالي فإنها تعود الى وزارة الطاقة كون المقر يقع على كتف نهر بيروت. وقالت الوزيرة إن البحث جارٍ عن صيغة جديدة إمّا لاستثمار هذه الأرض أو لتأجيرها والاستفادة من المدخول الذي يترتب على إحدى العمليتين.
ونلفت عناية معاليها الى أنّ وزارة الطاقة تستأجر مقراً لها وأن وزارتي الاقتصاد والبيئة تستأجران في مبنى اللعازرية وسط العاصمة. أي أن المستأجر مُلكاً ليقيم فيه قد يتجه الى تأجير ملكية عقارية عائدة له؟!
ومن دون التقليل من النواحي الإنسانية والاجتماعية ذات الاتجاهين: الأول: مصير شاغلي «سوق الأحد» والمستفيدين منه وهم أكثريتهم من غير اللبنانيين من الطبقات معدومة الدخل أو ذات الدخل المحدود.
والثاني: حق سكان سنّ الفيل والجوار في بيئة نظيفة شكلاً ومضموناً وبالتالي مطالبتهم بنقل السوق الى مكانٍ آخر (…)
نقول في منأى عن ذلك ندعو الى استثمار هذا العقار الشاسع في بناء مقرات حكومية. وهو موضوع أثير عندنا وسبق أن عالجناه قبل أيام في «شروق وغروب» سابقين وقلنا يومها إن بدل إيجار وزارة الاقتصاد في وفق إحصاءات العام 2017، يكلف الدولة 974 مليون ليرة سنويا. وبدل إيجار وزارة البيئة في المبنى ذاته يبلغ 794 مليار ليرة. أي أن الدولة تسدد لشركة إنترا للاستثمار (مالكة مبنى اللعازارية) ملياراً و800 مليون ليرة لبنانية.
والمفارقة الكبرى أن الدولة اللبنانية تملك عشرة في المئة من أسهم «إنترا» فيما يملك مصرف لبنان 37 في المئة أيضاً من أسهم «إنترا»!
ولا نريد أن ندخل في التخمين حول بدل إيجار المتر المربع في وسط العاصمة. فهذا من شأن الخبراء. إلا أن معلوماتنا تفيد أن بدل إيجار المتر المربع هناك هو 375 دولاراً سنوياً، وللدولة تخفيض في إيجار عقارات «إنترا» يبلغ 50 في المئة.. فكم هو عدد الأمتار المربعة التي تستخدمها الوزارتان المذكورتان أعلاه في إيجار معقود ومنذ سنوات بعيدة، لتسدد الخزانة العامة نحو ملياري ليرة؟!
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن وزارة الطاقة ذاتها تدفع 150 مليون ليرة بدل إيجار سنوي لمقرها ( في مار مخايل) أما إيجار المديرية العامة للنفط فيبلغ 290 مليوناً!
المدينة الحكومية؟! أجل! ولكن متى؟!