IMLebanon

الأمير والوزير والشيطان

 

 

… وتنهمرُ علينا البلايا واحدةً بعد الأخرى على مـدى السنوات الستّ.
ذلٌّ بعـدَ عـزٍّ، غـازٌ بعد نفطٍ، تأليفٌ بعد تكليف.
وتداهمنا الإستحقاقات الدستورية كما المصيبة، ننْشغلُ بها، نتلهّى، نتعارك، وبها ننسى المصائبَ العظام التي حلَّتْ بنا قبلها.
إستحقاق حكومي: إستشاراتٌ مرواغاتٌ مراهنات، حتّى يتمخّضَ الجبل، فيَلِـدَ حكومةً أوْ يبقى عاقراً.
والهدف «الوطني» من كـلِّ استحقاقٍ هو تحقيقُ مكاسب ذاتية وانتصارات: مَـنْ ينتصر على مَـنْ، وكيف ينقضُّ «دون كيشوت» على طواحين الهواء، وهو يظـنّ أنَّ خصومه السحَرَةَ قـدْ حوَّلوا العمالقة إلى طواحين.
هكذا، راح المنتصرون في انتخابات هيئـة البرلمان يرقصون ابتهاجاً حـول طواحين النصر، والشعب يرقص مذبوحاً مـنَ الألـم حـول طواحين الخبز.
قبل اشتعال الخلافات على مواصفات الرئيس المكلّف، والإقتتال على أجناس ملائكة الحكومة، والخـوض في القواميس لتفسير معنى السيادة والسياديّين، فتطيـر الحكومة مع التيارات المتعاكسة، وتـتَطاير شظاياها إلى انتخابات الرئاسة الأولى.
فإنّ الحكمة تقضي بإعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، تُمنحُ حكومته الحالية الثقـة أوْ تُعدّل، وكفانا اللـهُ شـرّ القتال على حكومة وحـدةٍ وطنية أوْ تصريف أعمال، مع نهاية عهـدٍ، بداياتـهُ أصبحت نهايات لكلِّ أعمال الدولة.
إلاّ، إذا كان الهمسُ من جدران القصور قـدْ تكشّف غضباً على الرئيس ميقاتي بعد أنْ تناول عفّـةَ العرش والإسرة المالكة، ولـنْ يكون طيِّعاً مع الشروط التي يفرضُها مع كلِّ استحقاقٍ الحاكمُ باسم الملك لويس الرابع عشر: «أنا الدولة والدولةُ أنا «… والحكم ليس لِمَـنْ يجلس على العرش بل لِمَـنْ يحمل الصولجان.
ولأنّ للجدران آذاناً تسمع فقد تسرّبَ أَنّ الإستشارات الحكومية هي أيضاً ثنائية: أيْ أنّها استشارتان: إحداهما يُجريها القصر بهدف تكوين حكومة تحمل إسم الوحدة الوطنية، يكون فيها «أنا الدولة» وزيراً، إحتياطاً لفراغ رئاسي محتمل.
وما لـمْ يتحقّق في هذا العهد، في البـرِّ والبحر، وقد «ظهرَ الفسادُ في البـرِّ والبحر بما كسبَتْ أيـدي الناس (1)..»
يمكن إنجازُه في العهد الذي يلي، تكريساً لشعار الإصلاح والتغيير وحرصاً على تأمين حقوق المسيحيين.
وفي إطار المغالاة بحقوق المسيحيين، هناك مَـنْ يطرح إسم رئيس حكومةٍ يحمل طابعاً مسيحياً ولَـوْ شكلاً، والسيد جواد «عدرا» يتحلّى بهذه المواصفات فيتمثّل لهم رئيساً مكلّفاً لم يمسِسْـهُ بشـرٌ سلطويّ من قبل.
«يتمجّـد إسم العدرا»… ماذا، لـوْ لـمْ تقبل شفاعة الخطأَة فيؤدّي الكفـر إلى تصريفٍ حكومي، وفراغٍ رئاسي نتيجة الهَوس السلطوي وحماية الإمتيازات.
ويظلّ استغلال الإصلاح والتغيير وحقوق المسيحيين شعاراً لأبطَالِ طواحين الهواء، فلا تتغيّر الأسلحة، وتبقى المعركة وتستمرّ الحـرب.
وإذاْ ذاك، فتلكنِ الحكومةُ، تلك التي يعنيها الشاعر بالقول:
فإذَا يكونُ أميـرُنا ووزيرُهُ وأنا، فإنَّ الرابعَ الشيطانُ.

-1 سورة الروم القرآنية: 41.