على الرغم من تحديد موعد الإستشارات النيابية يوم الإثنين المقبل، فإن ما من مؤشّرات على أن مسار التكليف سيكون سالكاً، وفق ما تتوقّع مصادر وزارية سابقة، ذلك أن الصورة لم تتّضح بعد بالنسبة للتوجّهات التي تسود لدى كل كتلة نيابية قد تشارك في هذه الإستشارات لجهة تسمية مرشّحها لرئاسة الحكومة العتيدة، وذلك، عدا عن أن كتلاً أخرى ستعزف عن المشاركة في هذه الإستشارات الوزارية الملزمة، ومنها مَن ستشارك، ولكن من دون أن يكون لديها مرشّح، وبالتالي، تعتبر هذه المصادر، أن الآراء النيابية سوف تكون موزّعة على أكثر من مرشّح، مما يعني، ومن الناحية العملية، أن أي رئيس مكلّف لن يحظى بعدد وازن من الأصوات المؤيّدة.
ولذلك، وفي سياق قراءتها للواقع الحالي، وعملية استمزاج الآراء التي حصلت في الساعات الماضية، واتُفق بموجبها على تحديد موعد الإستشارات في قصر بعبدا، تلاحظ المصادر الوزارية السابقة، أن المناخ الداخلي الضاغط بفعل استمرار التدهور على كل المستويات، كما ردود الفعل والبيانات الخارجية من قبل عواصم القرار المعنية بالملف الحكومي، قد دفعت نحو تسريع مسار التكليف، وذلك، بصرف النظر عن التوصّل إلى اتفاق ما بين كل القوى المعنية بالعنوان الحكومي. وتضيف المصادر، أن مجموعة اعتبارات غير المتوقّعة قد دخلت على خط التكليف الجديد، وأبرزها، استعجال المواعيد قبل حلول ذكرى مرور سنة على تفجير مرفأ بيروت، والإحتقان والتوتّر المسجّلين في الشارع عشية اقتراب موعد الرابع من آب، بالإضافة إلى نفاد صبر المواطنين الذين تزداد أعدادهم في الشارع يوماً بعد يوم، بسبب الأزمات المتعدّدة، وعلى رأسها أزمتي الكهرباء والدواء، في ظل انعدام أي معالجات ناجعة حتى اليوم، وصولاً إلى استمرار تدهور سعر الليرة، وانعكاس ذلك بشكل دراماتيكي على الحياة اليومية لكل اللبنانيين.
وعليه، تقول المصادر الوزارية السابقة، أن كل هذه الإعتبارات، باتت تحاصر اليوم كل الأطراف السياسية المعنية بعملية التكليف والتأليف، وعلى حدّ سواء الأطراف المعتكفة عن المشاركة في هذه العملية، وذلك بصرف النظر عن الأسباب التي يطرحها كل فريق سواء بالنسبة لقرار الإنخراط مجدّداً في العملية الحكومية، أو لقرار الإمتناع وإعطاء الحكم المسبق بفشل تأليف الحكومة، أياً كان رئيسها، وذلك بسبب بقاء العقبات التي حالت دون نجاح الرئيس سعد الحريري في تنفيذ مهمّته، على حالها، على الرغم من كل المواقف المطمئنة التي تصدر منذ يوم الخميس الماضي، وتشدّد على أهمية عدم الإنتظار طويلاً لتأليف الحكومة الإنقاذية المنشودة.
وفي ظل الظروف الراهنة، وبموازاة الضغط الخارجي الحاصل لتسريع عملية تأليف الحكومة، وفي غياب الضمانات من قبل الدول المانحة بتقديم الدعم المالي للحكومة التي سيتم تأليفها، تستبعد المصادر نفسها، أن ينسحب قرار إجراء الإستشارات على قرار التوافق بين الكتل النيابية حول خيار واحد، ولذا، فإن أي عملية تكليف دونها صعوبات ناجمة عن انعدام القرار السياسي الموحّد لدى كل الكتل النيابية المشاركة في الإستشارات يوم الإثنين المقبل، وحتى الكتل المنضوية ضمن الفريق الواحد، والتي يغرّد أعضاؤها يومياً خارج سرب الجو النيابي العام والمحيط بالأكثرية النيابية.