Site icon IMLebanon

رهانات على إكتمال الجريمة ضد لبنان

 

الواقع أخطر من أي كابوس يصنعه خيال متوحش. والمعاناة تتجاوز ما سجّله وما لم يسجله التاريخ من فظائع. لا عدو يستطيع أن يؤذي اللبنانيين ويذلهم ويعيدهم الى العصر الحجري كما تفعل بهم من دون توقف سلطة وقحة وفاقدة الشرعية بالعجز عن الخدمة العامة.

 

ولا صديق يستطيع أن ينقذ لبنان أو ان يساعد اللبنانيين المستعدين للإنقاذ، ما دامت المافيا المتسلطة عليه مصممة على الإستمرار في دفعه على الطريق الإنحداري الذي يضمن مصالحها وأرباحها.

 

سنة من جدل مثل علك الصوف في مواصفات الحكومة والحصص الصلاحيات وجنس الوزراء والوزارات، ولا حكومة. ولا احد يعرف، ومرحبا تفاؤل، إن كان لبنان الذي يتسارع فيه دومينو الإنهيار في كل مجال يمكن أن يصمد حتى تأليف حكومة سبقها الوقت ولم تعد قادرة حتى على وقف الإنهيار قبل الرهان على الخروج من تحت الصفر الى الصفر. فالبنك الدولي يرى أن لبنان، إذا بدأ الإصلاح، يحتاج الى ما بين12او19عاماً للتعافي من الأزمة. و”الوول ستريت جورنال”تقدر الحاجة الى أكثر من عقدين. والمافيا تعرف عمق المأزق أكثر منهما لأنه من صنعها، ولكن ما يهمها هو إستمرار مصالحها.

 

سنة على أقوى تفجير غير نووي ضرب مرفأ بيروت والمدينة، ولا أولوية لدى المافيا تتقدم على التنصل من المسؤوليات ومنع التحقيق من التوصل الى كشف الرواية الكاملة لأكبر عملية تواطؤ على إخفاء اامسؤولين الكبار عن الجريمة التي أوقعت آلاف الضحايا. كل صرخات أهالي الضحايا وتظاهرات اللبنانيين المطالبين بالعدالة، تواجهها المافيا بقمة الوقاحة وإستخدام الألعاب القانونية المكشوفة لتكبيل يدي المحقق العدلي طارق البيطار. وأقل ما يفعله المتهمون الكبار هو الإدعاء بأنهم مع رفع الحصانات، ولكن لهدف آخر.

 

ذلك أن اللعبة هي جعل الممكن والضروري صعباً، والصعب مستحيلاً. بدل المثول أمام المحقق العدلي والمحاكمة أمام المجلس العدلي، إشتراط الإتهام بأكثرية الثلثين في البرلمان، وهو أمر صعب جداً، بما يجعل المحاكمة مستحيلة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وبدل التخلي عن المطالب التافهة وسط إنهيار البلد والمسارعة الى تأليف حكومة، إصرار على اللعب بالنظام.

 

ولا ترجمة لذلك سوى واحد من أمرين أو هما معاً. أولهما أن التركيبة السياسية فقدت الحس الإنساني والوعي السياسي والرؤية الوطنية من أجل أهداف شخصية. وثانيهما أن المافيا المتسلطة تريد بالفعل أن يكتمل الإنهيار، ولديها خطة لما ستفعله بعد الإنهيار تحت عنوان البدء من الصفر لنظام آخر.

 

كان بلوتارك يقول:”لا أحد يبل الطين ثم يتركه كما لو أنه سيصبح آجرّاَ بالحظ”. لكن في لبنان من يفعل ذلك في الموضوع الحكومي وموضوع النظام. ولا شيئ يمنع الرهان على خيالات.