Site icon IMLebanon

فرملة ولادة الحكومة خشية تداعيات رفع الدعم الكامل وتعثّر البطاقة التمويلية

 

التشاور يستمرّ لحلحلة العقد المتبقيّة.. والإنتخابات النيابية هدف دول الخارج

 

تستمرّ المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي عبر الوسطاء، من دون أي تأكيدات عن قرب ولادتها، رغم الأجواء التفاؤلية التي جرى بثّها يوم الإثنين، لتدخل البلاد في استراحة يوم الثلاثاء الفائت بسبب يوم الحداد الوطني على رحيل رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان. وفيما كان يُفترض أن يكون يوم أمس الأربعاء يوماً حاسماً لجهة زيارة ميقاتي قصر بعبدا وعقد اللقاء الرابع عشر مع الرئيس عون، وإعلان الحكومة التي جرى التوافق عليها، تحدّثت المعلومات عن عدم انتهاء التفاوض بشأن العقد المتبقية. فهل سيتمّ تأخير تشكيل الحكومة بسبب اتخاذ قرار رفع الدعم الكلّي عن المحروقات يوم الإثنين المقبل، أم سيتمّ «تطيير» التشكيلة شبه النهائية برمّتها، لعدم توافر النيّة الفعلية للتأليف؟!

 

مصادر سياسية متابعة أكّدت أنّ الرئيس المكلّف لم يعد يُبدي حالياً أي حماسة بالإسراع في تشكيل الحكومة رغم إمكانية حلحلة العقد المتبقيّة خلال فترة وجيزة. ولهذا لم يطلب أي موعد من الرئيس عون الأربعاء، على ما كان يُفترض بهدف إعلان الحكومة التي كانت شبه نهائية، خلال الأيام الماضية. أمّا أحد الأسباب الرئيسية لتأخير تشكيل الحكومة فهو قرار رفع الدعم الكلّي عن المحروقات والمواد الحيوية والحياتية الذي سيدخل التنفيذ بعد أيام. وأوضحت بأنّ ميقاتي لا يريد انطلاق حكومته الجديدة في ظلّ التداعيات السلبية التي سيعيشها الشعب اللبناني بعد الرفع الكامل لدعم المحروقات وانعكاس ذلك على الإرتفاع الإضافي لأسعار جميع السلع الغذائية والحاجيات اليومية والمواد الضرورية والأدوية وسواها، والتي أصبحت اسعاراً جنونية تفوق قدرة المواطنين الذين كانوا من الطبقة المتوسّطة على تحمّلها، فكيف بالطبقة الفقيرة أساساً؟! علماً بأنّ كلّ ما يجري أدّى الى ارتفاع نسبة الفقر في لبنان الى أكثر من 80 %، فضلاً عن انعدام الأمن الغذائي الذي سيؤدّي الى أمور خطيرة.

 

وتجد بأنّ ميقاتي الذي لا يريد تحمّل كلّ هذه التبعات نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات السابقة، يُحاول التروّي قبل اتخاذ أي قرار، أكان تشكيل الحكومة، أو الإعتذار، أو إبقاء ورقة التكليف في جيبه والإعتكاف. علماً بأنّه أعلن مرّات عدّة بأنّه لم يقبل التكليف لكي لا يؤلّف إنّما لتشكيل حكومة تكون قادرة على الإنقاذ وعلى تحقيق الإصلاحات المطلوبة. غير أنّ تعثّر إطلاق البطاقة التمويلية في مجلس النوّاب، والتي كان قسماً كبيراً من العائلات اللبنانية (نحو 750 ألف عائلة) يعوّل النفس بالحصول عليها، فقد «فَرمل» اندفاع ميقاتي أيضاً في مسألة الإسراع في تشكيل الحكومة وسط كلّ الأزمات والمشاكل القائمة من دون إيجاد اي حلّ لأي منها من قبل حكومة تصريف الأعمال الحالية.

 

فالبواخر الإيرانية لم تصل بعد الى المياه الإقليمية، ولا أحد يعلم ما هي أسباب تأخّرها من جهة، على ما أشارت المصادر نفسها، فيما موضوع استجرار الكهرباء والغاز من مصر الى الأردن عبر سوريا ومن ثمّ الى لبنان من جهة ثانية، وعلى الرغم من عقد الإجتماعات إن من خلال زيارة وفد وزاري لبناني الى سوريا، ومن ثمّ اجتماع الأردن الذي ضمّ وزراء الطاقة في الدول المعنية، يبدو أنّه سيتطلّب المزيد من الوقت ليُصبح حقيقة واقعة. ولعلّ هذه الأمور تنتظر أيضاً حصول توافق أميركي- إيراني قبل اتخاذ المسؤولين في الداخل أي قرار بشأن تشكيل الحكومة أو إيجاد الحلول للأزمات المتفاقمة.

 

وفيما يتعلّق بالوساطات الجارية على صعيد حلحلة العقد المتبقية، ذكرت بأنّ مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم يستمر في مسعاه، الى جانب وساطة مصطفى الصلح القريب والمقرّب من ميقاتي (صهر شقيقه)، بهدف التوافق على العقد المتبقية المتمثّلة بوزارة الإقتصاد، لأي طرف ستؤول ومن سيتولاها. فرئيس الجمهورية يطرح أسماء وكذلك يفعل ميقاتي، ولا تزال تُرفض من دون التوصّل حتى الآن الى إيجاد الإسم التوافقي الذي لا يجعل أي فريق سياسي خاسراً أو رابحاً. كما يجري البحث عن إسم المسيحي الثاني من خارج الحصص، على أن يكون كاثوليكياً أو ربما أرثوذكسياً توافقياً، الى جانب التوافق النهائي على إسم وزير الداخلية. وتحدّثت المعلومات عن إمكانية إيجاد مخرج للإسمين التوافقيين من دون الحاجة الى التبادل بحقائب أخرى.

 

وفيما يتعلّق بالضغوطات الخارجية للإسراع في تشكيل الحكومة، تقول بأنّ دول الخارج لا تضغط كما يجب، وهي تريد ولادة الحكومة لكي تُواكب الإنتخابات النيابية وتُجريها في موعدها من دون أي تأجيل أو إلغاء، على أن تكون عادلة ومستقلّة، لكي يتمكّن المجلس النيابي الجديد بانتخاب الرئيس السلف لعون في تشرين الأول من العام المقبل. غير أنّ بعض الأحزاب لا تزال تُهدّد بالاستقالة من مجلس النوّاب لقلب الطاولة، ومضاعفة الإنهيار من خلال وقف العمل التشريعي الذي يقوم حالياً باتخاذ بعض القرارات، وفرض إجراء إنتخابات نيابية مبكرة.

 

غير أنّ المصادر عينها تجد بأنّ استمرار الإنهيار ووصول البلاد الى الإرتطام الكبير من شأنه القضاء على إمكانية إجراء الإنتخابات النيابية، أكان في موعدها أو غير موعدها، الأمر الذي لن يقود الى الإنتخابات الرئاسية الجديدة بل الى تأجيلها والتمديد للرئيس الحالي. فالإطاحة بالإنتخابات النيابية لا تسمح للرئيس عون بتسليم السلطة وإن انتهى عهده، ولا يريد بالتالي البقاء في قصربعبدا بعد 30 تشرين الأول 2022.

 

ولفتت الى أنّ الحديث عن تغيير أو تعديل قانون الإنتخاب الحالي الذي ترفضه الأحزاب المسيحية كونه أوصل 56 نائباً مسيحياً الى الندوة البرلمانية بأصوات المسيحيين، خلافاً لما كان يجري في ظلّ قوانين الإنتخابات السابقة، التي لم يكن يصل من خلالها أكثر من 20 أو 23 نائباً الى المجلس النيابي، سيُشكّل عاملاً إضافياً لتعطيل إجراء الإنتخابات. علماً بأنّ التعديل الذي تُطالب به بعض الأحزاب الإسلامية يؤدّي أيضاً الى انتخاب بين 38 و40 نائباً فقط من قبل أصوات الناخبين المسيحيين. ولهذا فإنّ عدم الإتفاق الداخلي على أي قانون ستجري الإنتخابات النيابية المقبلة، سيجعل المجلس النيابي الحالي نفسه يبقى هو السلطة التشريعية خلال المرحلة المقبلة، وهذا الأمر سينعكس على السلطات الأخرى، كما على استمرار الإتهيار على جميع الصعد.