نقر ونعترف بأن للداخل دوراً مهماً في عرقلة تأليف الحكومة.
ونقر ونعترف بأن لأصحاب المطامع والحسابات الخاصة والأنانيات والأشداق المفتوحة على المكاسب (…) فعلاً مباشراً في عدم إصدار مراسيم التأليف، حتى الآن.
ونقر ونعترف بأن تلك كلها متناغمة بين من يريد أن يقوي موقعه قبيل الانتخابات النيابية، وبين من يتحضر لعدم إجراء الانتخابات تلك، ومن يتوقع بالتالي عدم إجراء الاستحقاق الرئاسي في خريف العام 2022 المقبل. وعليه فإن كلاً من هؤلاء يسعى إلى حكومة يكون له فيها دور وحضور وفاعلية… لذلك يلجأ هذا وذاك وذلك إلى التريث، وربما إلى الإبقاء على الوضع (اللاوضع) الحكومي الحالي لأنه قد يكون مستفيداً منه أكثر.
ومع إقرارنا واعترافنا بما تقدم كله، وبسواه من الاعتبارات الأخرى التي لم نأتِ على ذكرها، ولكننا لا نصدق أن العالم كله يريد لنا أن نشكّل حكومة والشباب عندنا قادرون على الوقوف في وجه الإرادة الدولية العارمة غير المسبوقة.
فهل هذه الإرادة الدولية الإجماعية صادقة؟
وعندما نراجع الوقائع والبيانات والتصريحات، منذ مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حتى اليوم، نجد أنه لم يسبق للدول في الإقليم وفي البعيد، ومعها المنظمات الأممية والدولية، بما فيها أيضاً الصناديق والبنك الدولي إلخ… أن أجمعت على أمر كما هي تجمع على ضرورة تشكيل الحكومة في لبنان.
وأيضاً وأيضاً استمعنا إلى الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي (رغم انهماكه بالاستعداد للمعركة الرئاسية) يحثاننا على إنجاز تأليف الحكومة. أما في الإقليم فمن الجامعة العربية إلى حكام وقادة ومسؤولين… ولا ندري ما إذا كانت حكومة الطالبان في أفغانستان قد شاركت في هذا الماراتون أيضاً، أما المسؤولون الإيرانيون فلم يقصروا؟!.
عظيم كلهم (يعني كلهم) تناولوا تأليف حكومتنا المنتظرة. وكانوا بين متحمس استبدت به الحماسة مثال ماكرون وأركان إدارته ومعهم أحياناً بعض أركان الإدارة الأميركية، والبعض الآخر على طريقة اللهم فاشهد إني قد بلغت، والبعض الثالث على قاعدة «أنا هون».
المهم كيف نفهم أن هذا الاندفاع الشديد عاجز عن التأثير في معرقلي تأليف حكومتنا، وكيف أن هذه «الجماهير الكادحة» من رؤساء الدول وأركان إداراتهم ومعهم المنظمات والبنوك والصناديق الأممية والدولية والإقليمية عاجزون، جميعاً، أمام الداخل، الذي لا نبرئ أطرافه المعرقلين! وهل الداخل وحده هو الذي يكذب؟