Site icon IMLebanon

إلى المعرقلين أينما تموقعوا: كفى – كفى – كفى

 

نتائج الإنهيارات الهائلة التي تعاني منها البلاد، حتى لباتت في قعر جهنّم ثبّتها فخامة الرئيس في توصيفه السابق لمرحلة بدأت وتطورت سلبا والتهابا إلى الحدود التي اتخذت توصيفها المذكور… جهنّم. هذه النتائج باتت تطفو إلى الوجود الملموس في المناطق والشوارع والزواريب، وكلّها تدل على أنّ الأوضاع قد أضحت متفلّتة على الغارب، يعبث بتطوراتها العنيفة وتحدّياتها العلنية ومجابهاتها المؤشرة إلى بدايات متفاقمة لمرحلة تكرّست وضعيتها في ما لمسناه مؤخرا في منطقة انطلياس وعديد من المواقع التي شهدت مظاهرات سورية الطابع، جالت وصالت في مناطق حسّاسة سبق أن عانت من اشتباكات مسلحة واسعة النطاق ما بينها وبين قوات النظام السوري، الأمر الذي أدّى إلى نتائج دموّية ودمار مناطقي كان له أثره البالغ في حساسياته وأجوائه السلبية التي فتحت في مجمل البلاد أجواء أمنية غير مطمئنة، يضاف إليها تلك العراضة التي أقيم مهرجان لها في شارع الحمرا وأعادت هتافاتها إلى الأذهان قضية مصرع الرئيس بشير الجميل فضلا عن تهديد علنيّ بالقتل طاول رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. نضيف إلى هذين الحدثيين الملتهبين، جملة من الإضرابات والمطالب النقابية والشعبية والمهنية طفت على مسرح الأحداث وفي طليعتها إنذارات الإتحاد العمّالي العام ودعواته الشاملة إلى تنفيذ إضرابات عامة واعتصامات في المناطق اللبنانية كافة، الأمر الذي يؤشّر ويعبّر عن أوضاع إجتماعية شديدة الإلتهاب والحساسية، مشكّلا نماذج حادة تمثل مجمل الظروف المتطورة شديدة التدهور والخطورة، دون أن نغفل منها، التحرّك المستجد لمتضرري إنفجار المرفأ الذين باتوا يطالبون بمعالجة قضيتهم بجدّية وحزم مؤكدين على وجوب الغوص في حقيقة الأسباب ومرجعياتها التي ما زالت قيد التجاهل حتى الآن. كل ذلك يزيد قعر جهنّم حدّة واشتدادا، الأمر الذي بات لبنان كله يغلي في صميمه متموقعا على أهبة الإنفجار الأدهى والأشدّ الذي يتوقعه المراقبون في الداخل وفي الخارج.

?في صلب هذه الإشارات شديدة التعبير عن خطورة الأوضاع القائمة والتطورات المنتظرة، تجيء الرسالة الموجهة من فخامة الرئيس إلى المجلس النيابي منطلقة من جملة من الوقائع والأهداف والتوقعات الصادمة للواقع وللنصوص الدستورية وللمباديء الميثاقية، والتي واكبتها توقعات ومطالبات حكيمة وصائبة من دولة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وزاد في الطين بلّة، أن هذه الرسالة، وقبل وصولها إلى رئاسة المجلس، تم نشرها في وسائل الإعلام، فباتت مدعاة للنقاش العام الشعبي قبل الرسمي وقبل أن تتم تلاوتها ومناقشة مضمونها ومطالبها في المجلس النيابي، الأمر الذي أدّى بالنتيجة إلى رفض نيابي شامل حيث أُهملت المطالب المعلنة والمضمرة لهذه الرسالة التي أسفرت بالنتيجة عن خذلان لها وللناصحين بها ولمعديها ولمقدميها. وفي المجلس النيابي بالذات، تم رفضها وصدر عن المجلس قرار يكرّس سعد الحريري رئيسا مكلفا بالتشكيل، كما ورفضت مجرد المناقشة في تعديل الدستور بخصوص تحديد مدة زمنية لحصول التشكيل وتنفيذ التأليف. ومما لا شك فيه، أن كلمة الرئيس الحريري التي استغرب البعض حدّتها وشدّتها، كان من نتاجها الإجماع على المواكبة الشاملة لمجمل ما ورد فيها، ولكن الرسالة المذكورة وإن جاز للرئيس تقديمها من حيث المبدأ، إلاّ أن الإجماع العام، الرسمي والشعبي، قد رفضها، خاصة لجهة مطالبها المخالفة للدستور والرّامية بشكل غير منطقي وغير مدروس، إلى فرض أعراف جديدة، بما يخالف ما أقره دستور الطائف في المناقشات التفصيلية التي تمّت بمواكبة ومؤازرة عربية ودولية. وإذا كانت مطالب الرئاسة في رسالتها المرفوضة قد رمت إلى تعديل الدستور، فإضافة إلى جملة من الشكليات والأساسيات التي تمنع من تحقيق هذا المطلب. هي قد افتقدت إلى ورودها وسط كل تلك الأجواء السلبية والمحتقنة والرافضة لها لأكثر من سبب، وفي طليعة الرفض الإجماعي الحاصل، الخشية من إثارة النعرات الطائفية التي أزكتها تحرّكات ومواقف شعبية شديدة الحماس والإندفاع، خاصة لدى أبناء الطائفة السنية التي دفعت بجموعهم مستجدات وتطورات الوضع السياسي والإداري في لبنان، إلى شعور حادٍّ بالإستهداف المقصود والموجّه، بحيث يتم الدفع بها وبهم إلى وضعية التجاهل والتهميش التي حرّكت جموعها وفاعلياتها وأسهمت في توحيد صفوفها وأطلقت لمسؤوليها العنان في التصدي لتلك المواقف الطائفية المتطرّفة والمناهضة للمباديء الدستورية الأساسية ولتوجهات المواقع الميثاقية. وأخطر ما في هذا الوضع شديد الإلتهاب، اتخاذه درعا وقائيا ووسيلة هجومية يحاول التيار الوطني الحر أن يتسلح بسهامها المشبوهة الطابع والأهداف. لقد أجمعت الكتل النيابية في اجتماعها الحاصل يوم السبت المنصرم على اتخاذ القرار الذي هيأ له وتلاه رئيس المجلس بما شكّل توجها عاما لدي السلطة التشريعية، سعى إلى تلطيف الوضع السلبي الحاد الذي نتج عن الرسالة وظروف وأهداف توجيهها، كما سعى إلى تخليصها من التشنجات والتوجهات السيئة التي حفلت بها تلك الرسالة التي نُشِرت على الملأ وسُلّمت إلى المجلس النيابي الذي اتخذ القرار المناسب بتجريدها من كل آثارها السلبية وتوجهاتها الرامية إلى الإمساك بالوضع التشريعي وبالقرار الحكومي لغايات مرتبطة بمستقبل الحكم في لبنان وبالرغبة الجامحة في الإمساك بمؤثرات المسيرة الإنتخابية في الإتجاه المقصود. ولعل مجمل التطورات في البلاد وفي خارجها تذهب إلى أن كل هذه المحاولات باتت حظوظها جميعا في مهب رياحٍ عاصفة قد تودي بالمصير اللبناني كلّه، إلى المهالك، وقد تؤجج الإشكالات الأمنية والحياتية في البلاد إلى حدود غاية في الفلتان والخطورة، ولكن الجنوح الحاد بكل مواصفاته السلبية لدى مهندسي الطموح إلى الموقع الرئاسي المقبل، قد انحدرت حظوظه في الداخل وفي الخارج إلى درجات واضحة، الأمر الذي عزّز الرغبة الرئيسية الرامية إلى متابعة سلسلة أعمال العرقلة والتعطيل وكسب الوقت توصلا إلى ما يدور في الخلد المسؤول من آمال ومساع وتوقعات.