IMLebanon

الناس آخر همّهم الحكومة: “ما رح تشيل الزير من البير”

 

كأننا في مملكة الشعوذة المجنونة والسحر

 

 

إنتهت الإستشارات النيابية غير الملزمة، دون التوصل إلى شكل واضح للحكومة العتيدة. لم يأبه المواطن لتلك الإستشارات، فهي باتت لا تعنيه، باعتقاده لن تشيل الزير من البير، ولن تعالج أزمة المياه، ولا اختفاء الخبز، ولن تخفّض الأسعار حتى أنها ستفشل في إدارة أزمات البلد، ولن تكون مختلفة عن سابقاتها، بل صورة مستنسخة منها وربما أسوأ منها.

 

فهي تدور على وقع ارتفاع أسعار المحروقات واستفحال السوق السوداء، وارتفاع سعر منصة صيرفة، التي ستؤدي إلى جنون في الاتصالات بداية الشهر الحالي، حينها لن يكون بمقدور الناس استثمار التواصل الاجتماعي لفش خلقهم، وسنعود إلى زمن الـmissed call وربما الرسائل النصية إلا إذا قرر المواطن الدعس على جيبته وإكمال حياته، بلا خدمات ولا حكومة ولا من يحزنون. فإذا كانت الـ6 دولارات كرسم إضافي شهري على خدمة الـ»واتس أب» فجّرت البلد وأدخلته في انتفاضة 17 تشرين فإن زيادة التعرفة وفق منصة صيرفة، ستجعل الكل يخضع، ويا اتصالات ما يهزك دولار، أما الإستشارات فلم يهتم أحد بها.

 

عند ناصية الطريق قرب مفرق الكفور يجلس أبو علي يرتشف قهوته الصباحية، يطالع بعض الأخبار الواردة على هاتفه، عبر سلسلة المجموعات الإخبارية التي يشترك بها، لا يعلق أبو علي آمالاً كثيرة على الحكومة الموعودة، ولا حتى ينتظر منها حلولاً، فهو كما قال «مع بدء الاستشارات ارتفع الدولار، وبانتهائها انخفض الدولار، وهذا تأكيد واضح أن الحكومة فارطة، وما في بإيدها غير التأزيم».

 

لا يعلق المواطنون آمالاً على حكومة ربما لن تولد، وستبقى في طور تصريف الأعمال، ولا حكومة كانت مع الناس، كلّهم ضد الناس، يعلق فادي الذي يرفض إعطاء الحكومة العتيدة فرصة، فالأزمات الراهنة لا تعطي فرصاً، رأينا سياسة الحكومة السابقة، فرئيسها نفسه، نحن من عشنا الذل على أبواب الأفران، ونستجدي خفض الاشتراكات لأن أصحابها يتحكمون برقابنا بفوائد جديدة تصل إلى 25 بالمئة من خارج الفاتورة، نحن من نعاني شح المياه، وأزمة الدواء، وتلاعب التجار بنا وليس هم، فكيف سنثق بحكومة أشبعتنا وعوداً لم تترجم منها شيئاً؟ سقطوا».

 

بين صيدلية وأخرى تجول سرار تبحث عن دواء لابنتها، لم تترك واحدة إلا وسألت فيها عن دواء dufaston الجواب واحد «مقطوع» الشركات ما عم «بتسلمنا»، تضحك في سرها «رفعوا الدعم عن الدواء وبقي الدواء مفقوداً»، تأسف سرار أن تودي بها الحكومة السابقة والراهنة إلى البحث عن دواء مفقود، وتسأل رئيس الحكومة المصرِّف للأعمال والمكلف في آن «ماذا فعلت للشعب؟ ماذا قدمت مع وزرائك من حلول؟ لا شيء. أبسط الأمور بتنا محرومين منها، أصبحنا مواطنين مصابين بعلل نفسية جرّاء ما نعيشه، ونتخبّط به، لا نجد دواءنا ونشحذ مياهنا ونتسول رغيفنا ويذلنا التجار الفجّار، وفي الأخير بسبب خلافاتكم يرتفع الدولار وينخفض، حوّلتمونا لعبة لا أكثر، فكيف سنثق بكم؟».

 

لم يستمع أحد لخطابات النواب ولا لتفاصيل المشاورات، فهي باتت معروفة مسبقاً شروط وشروط مضادة ووضع عصي في الدواليب، في المقهى حيث اعتاد أبو رياض مزاولة لعبة الورق، مع رفاقه من جيل الزمن الجميل، تتعرّف على مواطن يهرب من حياته المأزومة، الى حياة اللهو المؤقتة، يرمي أبو رياض بورقة الكوبا كمن يرمي بأزمة الخبز جانباً، وينتظر حلاً مرتقباً، يبحث عن ورقة مطابقة لأوراقه، علّه ينجو، غير أنّه يغرق في البحث عن دوائه للسكري والضغط دون جدوى، يحاول أن يناور في لعبته، علّه يكسب الوقت، غير انه يصطدم بجدار الأزمات المتسارعة نحوه، لم ينس بعد جولاته الصباحية على ربطة خبز عادت فجأة بسحر ساحر، وبالسحر نفسه عاودت المحطات عملها، وكأننا في مملكة الشعوذة المجنونة، يرفض الغوص في رحلة تكوين السلطة الجديدة، فهي فاشلة، وستأخذنا للهلاك، يمضي أبو رياض في لعبته، كمن يبحث عن بصيص أمل وسط سواد الواقع، ما يخشاه أن يحتاج دخول مستشفى حينها ستدب الصرخة، فالعلاج اليوم عالفريش دولار، والواسطة معدومة.

 

لا يعول أحد على تشكيل حكومة، فهي دخلت في مسار التجاذبات والتعطيل، فالكل يرفض المشاركة، والكل يضع العصي في دواليب الحل، وكأن أزمات الناس آخر همهم، ولا يقتنع أحد بوجود بوادر حلحلة بل مزيد من التأزيم والأزمات، فالبلد كلّه يسير بين ألغام الفساد والسرقات والأزمات وانفجار واحدة قد تطيح بالبلد، فيما الشعب اعتاد العيش في الظلام فهل يصرخ لينجو أم ينفخ نرجيلته ويمضي في لعبة الغميضة الحالية؟