أي خرق في الأزمة الحكومية مرتبط بتغيير حقيقي في مواقف العهد
إذا كانت أجواء لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وصفت بـ«الإيجابية»، إلا أن المشاورات التي جرت في الساعات الماضية في ما يتصل بعملية التأليف، أظهرت أن الأمور بحاجة إلى مزيد من البحث من أجل تجاوز العقبات التي لا تزال تعترض الولادة الحكومية، لناحية إصرار الرئيس الحريري على أن يكون موقف رئيس الجمهورية ميشال عون واضحاً بشأن تنازله عن الثلث المعطل، لأنه يستحيل أن يقبل الرئيس المكلف بأن يكون هذا الثلث من حصة رئيس الجمهورية، حتى لو اضطره ذلك للاعتذار. كذلك فإن مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين ما زالت موضع أخذ ورد، ولم يتم حسمها. وقد علمت «اللواء» أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لم يكن واضحاً في أجوبته عن الأسئلة التي طرحها عليه المعاونان السياسيان للرئيس بري وللأمين العام لـ«حزب الله» النائب علي حسن خليل وحسين خليل، حيال هذه النقطة، الأمر الذي يشير إلى أنه لم يحصل تغيير جذري في موقف الفريق «العوني» من هذا الملف.
وكشفت مصادر نيابية في «تيار المستقبل» لـ«اللواء»، أن «إصرار فريق رئيس الجمهورية على مواقفه، يجعل هناك صعوبة في إحراز تقدم على صعيد تأليف الحكومة، بعدما ظهر أن هذا الفريق يريد من الرئيس المكلف أن يتنازل ويقبل بشروطه، فيما هو لا يريد في المقابل أن يقدم أي تنازلات تسهل التأليف، بدليل أنهم يشترطون تسمية جميع الوزراء المسيحيين، بمن فيهم الذين يفترض أن يكونوا من حصة الرئيس الحريري. وهذا أمر لا يمكن القبول به، لأنه يمنح رئيس الجمهورية الثلث المعطل، ولو مقنعاً». وتشير إلى أن «الاتصالات الجارية تركز على أن يكون الوزيران المسيحيان اللذان يدور خلاف بشأنهما، غير محسوبين على أحد وتحديداً على حصة الرئيس عون وفريقه السياسي، وإن كانت المعلومات ترجح أن يكونا قريبين من بكركي».
وتؤكد المصادر أن «الرئيس المكلف على توافق مع رؤساء الحكومات السابقين، في أي قرار سيتخذه، انطلاقاً من الحرص على مقام رئاسة الحكومة، وكذلك في التوافق على عدم تقديم أي تنازل على حساب صلاحيات الرئاسة الثالثة. وهذا ما أبلغه الرئيس المكلف إلى الوسطاء العاملين على خط مساعي رأب الصدع مع رئيس الجمهورية في ما يتصل بالتأليف»، لافتة إلى أن «موافقة الرئيس المكلف على حكومة الـ24، لا يعني أن الأمور قد حلت، بقدر ما أن الكرة أصبحت في ملعب العهد الذي يتوجب عليه أن يبادر إلى تلقف إيجابية الرئيس الحريري، بإيجابية مقابلة تخرج التأليف من المأزق، وتعكس رغبة حقيقية بإنجاح مبادرة الرئيس بري».
وتشير المعلومات، إلى أن الرئيس المكلف لن يزور قصر بعبدا ويقدم تشكيلة جديدة إلى رئيس الجمهورية، إلا إذا كان مقتنعاً بحصول تغيير حقيقي في موقفه، لناحية استعداده للقبول بالصيغة التي ستقدم إليه، وقبلها أن يتعهد بأنه تخلى عن الثلث المعطل، وأن يكون حصل توافق على اسم الوزيرين المسيحيين، في وقت علم أن رئيس المجلس النيابي كثف من وتيرة اتصالاته على أكثر من صعيد، وتحديداً في اتجاه العهد وحلفائه، بعدما تلقى وعداً من الرئيس المكلف أنه سيتعامل بإيجابية مع مبادرته، شريطة أن يلتزم «العونيون» بما هو مطلوب منهم، لتعبيد الطريق أمام التشكيل، لإنقاذ البلد من الانهيار. وعلى هذا الأساس لا تستبعد مصادر قيام الرئيس بري بزيارة إلى رئيس الجمهورية، لوضعه في أجواء ما تم إحرازه على صعيد الجهود الآيلة لإنجاز التأليف، والطلب إليه العمل في المقابل من أجل ملاقاة الرئيس المكلف في تنازلاته، باعتبار أن التنازل مطلوب من جميع الأطراف، تفادياً لأي تعقيد جديد قد يطيح بكل ما تم إنجازه.
وتكشف المعلومات أن الكلام «العوني» عن التخلي عن الثلث المعطل لا زال نظرياً دون أي ترجمة عملية. وهذا من شأنه إذا لم يصبح فعلياً، أن يعرض مساعي الحل للفشل، وبالتالي إلى سقوط مبادرة الرئيس بري التي تشكل الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلد الذي لم يعد قادراً على مواجهة الأزمات التي تتهدده قبل الارتطام الكبير، بعدما تخلى الجميع عن لبنان ولم يعد إلى جانبه أحد. وقد جرى إبلاغ أهل السلطة أن تشكيل حكومة هو المعبر الوحيد للإنقاذ، لأن أحداً لن يقف إلى جانب لبنان إذا لم يكن واثقاً بجدية الطبقة الحاكمة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها، مقابل الحصول على المساعدات.