Site icon IMLebanon

صراع الديوك

 

 

في المنطق السياسي وفي وقائع الوضع الراهن ليس من مصلحة الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل تشكيل حكومة في ظل هذه الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة، فالمشهد الماثل أمام الرجلين هو مشهد فشل أي حكومة في عملية الإنقاذ وانعكاس ذلك على شعبيتهما السياسية، ما يجعل الانتخابات النيابية المقبلة بالنسبة لهما استحقاقاً لا يتقدم عليه أي تطور آخر. والمطلوب مراكمة المزيد من المؤيدين عبر إشعال السجالات والخلافات ووضعها في سياق طائفي ومذهبي، من خلال الحديث عن التعدي على صلاحيات المنصب المسيحي الأول أي رئاسة الجمهورية وصلاحيات المنصب السُني الأول أي رئاسة الحكومة.

 

في هذه المعركة يسجل الرئيس الحريري على النائب باسيل تقدماً في سهولة المعركة بالنسبة له على الساحة الطائفية والمذهبية، فالمنافسون السياسيون للحريري في الساحة السُنية لا قدرة لهم على مواجهته، حين يكون عنوان المعركة الوجود السياسي للسُنة من خلال رئاسة مجلس الوزراء، ففي هذا المجال لا يستطيع هؤلاء سوى التحدث بمنطق الرئيس المكلف وبمنطق رؤساء الحكومة السابقين، وإلا لحقت بهم صفات الخيانة والتفريط بحقوق الطائفة والتخلي عن المعركة الوجودية لصالح عناوين “ثانوية” ومنها الأزمة الراهنة.

 

في الساحة المسيحية تقف على كتف النائب باسيل “القوات اللبنانية” وعلى رأسها سمير جعجع، وكانت “القوات” واضحة في القول إن رئيس الجمهورية ليس “باش كاتب” عند الرئيس المكلف فحفظت لنفسها الدفاع عن موقع رئيس الجمهورية، ولكنها لا تدافع عن شخص الرئيس وفريقه السياسي الذي قاد، بحسب “القوات” وغيرها من القوى السياسية والشعبية البلد من فشل إلى فشل وصولاً إلى الإنهيار التام وجهنم، وتتفوق “القوات اللبنانية” في أن “تورطها” في فساد او محاصصات لم يأت على قدر طموحات البعض، كما أن ممارسات وزرائها في الحقائب التي شغلوها ليست مادة دسمة للسجال كما هو الحال في وزارة الطاقة مثلاً، والتي تعاقب عليها منذ العام 2010 وزراء من “التيار الوطني الحر”.

 

أيضاً في المعركة على الساحة المسيحية تجاهر “القوات” في الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة ولعدم إلغاء الانتخابات التشريعية في موعدها المفترض في أيار المقبل، في حين أن مقاربة “التيار الوطني الحر” لهذا الموضوع لا تزال خجولة ولم ترتفع أي أصوات في صفوفه تتحدث مثلاً عن ضرورة إجراء الانتخابات النيابية الفرعية، حيث أن 9 مقاعد نيابية للمسيحيين شاغرة في البرلمان ما أفقده المناصفة، وهي عنوان طالما رفعه “التيار الوطني الحر” رأس حربة في عملية التجييش الشعبي فأين هو اليوم من هذا الشعار؟

 

في صراع الديوك هذا بين الحريري وباسيل حسابات الربح والخسارة السياسية هي الأساس في كل كلمة وموقف وخطوة، حسابات قد لا تكون لها بأي شكل من الأشكال علاقة بحسابات المواطنين التي تبدأ من رغيف الخبز حتى قسط المدرسة والجامعة مروراً بسعر الدواء.