ما قبل بيان «الازرق» لا يُشبه ما بعده في بعبدا…
سيناريوهات مُفاجئة قيد البحث قبل قلب الطاولة
لم يكن سقوط مبادرة رئيس مجلس النواب بعد تكليف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خارج دائرة التوقعات، فكل المؤشرات السياسية دلت مؤخرا على استحالة تأليف الحكومة وتعايش «الثنائي اللدود» سعد الحريري وجبران باسيل تحت سقف الحكومة، فالقاصي والداني يدرك ان ما يدور ليس معركة وزيرين مسيحيين او صلاحيات رئاسية وثلث معطل، بل أبعد من ذلك بكثير، كما تقول مصادر سياسية، وتتصل بسقوط التسوية وأزمة الثقة المفقودة بين الطرفين والتي ظهرت مع استقالة الحريري من الحكومة على اثر «انتفاضة ١٧ تشرين» وتركه العهد وحليف التسوية وحيدين في الساحة.
فالأمور وصلت الى مستوى اللاعودة بينهما، وبات من الصعب تخيل الطرفين في مشهد حكومي واحد، لكن لا احد تصور ان ينتهي المشهد على غرار بيان «المستقبل» بما تضمنه من اساءات لفظية ووصفية اضافة الى «هاشتاغ» «رئيس جهنم».
صحيح ان المؤشرات جميعها في الفترة الأخيرة دلت على عودة التشنج السياسي والتصعيد، واستمرار الحريري بالمواجهة وعدم التخلي عن التكليف للأسباب والحسابات السياسية والدستورية، لكن بيان «بيت الوسط» أزعج بعبدا لأنه عالي السقف ومباشر، حدد وحمّل، كما يقول متابعون، عناوين ورسائل مفادها ان لا اعتذار ولا تراجعات او تنازلات، فيما نقل عن المقربين من ميرنا الشالوحي استياؤها من الأسلوب ومقاربة «بيت الوسط» للملف والعلاقة مع التيار، و نيات الرئيس المكلف واضحة بعدم التساهل والتعاون في الملف الحكومي انطلاقا من أزماته الخاصة وادراكه انعدام فرص استمراره بالتكليف بفعل «فيتوات» خارجية وداخلية على عودته الى الحكومة.
الحريري لا يظهر تساهلا وتراجعات، و هو الذي بادر الى فتح النار والتصعيد، حيث تؤكد المعلومات، ان الوساطات لم تنجح في اقناعه بتعديل موقفه وباداء مرونة حكومية.
وبالنسبة الى المقربين من ميرنا الشالوحي ايضا، فان الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية قبل فترة الى مجلس النواب تضمنت كشفا للوقائع واخراج السجال المخفي الى العلن، اضافة الى ما تضمنته المواقف الأخيرة للنائب جبران باسيل الهادئة لتظهير الصورة الحقيقية لعدم تمسك بعبدا بالثلث المعطل.
في قراءة للتصعيد الأخير، يتبين سعي كل من باسيل والحريري لشد العصب الجماهيري باختلاف ما يحصده الفريقان لاحقا، ووفق مصادر نيابية، فان الرئيس المكلف نجح حتى اللحظة في الحفاظ على تكليفه وهو يحظى بتأييد من الكتل السياسية، وظهر ذلك واضحا في جلسة الرسالة الرئاسية بصدور توصية استمراره في مهامه بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وهو يسعى لاستقطاب التأييد الرسمي والشعبي السني، فيما يعتبر النائب باسيل ان المواجهة تهدف بصورة أساسية الى استنزاف العهد وهذه المواجهة أصبحت على نهايتها، رافضا مصادرة حقوق المسيحيين.
عليه، تقول المصادر، ان امام الحريري خيارين لا ثالث أمامهما، فاما سيقدم بعد جولة العنف الأخيرة على تراجعات وتقديم اقتراحات في جلسة مع رئيس الجمهورية للتشاور بالأسماء او يستكمل التصعيد الذي سيغرق البلاد في التشرذم والمزيد من الانهيار.
اما من جهة بعبدا، فان المؤكد ان رئيس الجمهورية، كما تعتبر المصادر، في صدد نقل الخلاف الى مكان آخر، في اطار المزيد من الضغوط لتطويق الحريري واجباره على الاعتذار، وبعد تلويح نواب تكتل لبنان القوي بالاستقالة من البرلمان، ثمة سيناريوهات أخرى للمواجهة مع «بيت الوسط» قيد التحضير تنتظر الوقت قبل تفجير المفاجأة.