صمد الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في وجه ارتدادات العاصفة الإقليمية، كما تمكّنت حكومة الرئيس تمام سلام من تجاوز قطوع الإنقسام الداخلي، وخرجت الساحة اللبنانية سليمة من التعقيدات السياسية والأمنية المحيطة بها، وذلك بعدما اتفق قادة الحوار الثنائي على حصـر الخلاف الخـارجي بالخارج وإبقاء الساحة المحلية معزولة عن الرياح الإقليمية. وقد أكدت جهات وزارية أن الإعتراضات التي سُجّلت على مواقف الرئيس سلام من قبل «حزب الله» قد جرى توضيحها بفعل التواصل الصريح داخل الجلسة الوزارية الأخيرة، في ضوء إجماع وزاري على ضرورة تجاوز كل المواقف السياسية الأخيرة لمصلحة التهدئة وللحفاظ على الإستقرار الداخلي، وذلك من خلال الإبقاء على جو التواصل قائماً أولاً لدرء الفتنة ودعم الحكومة وحــماية تضامن أعضائها، وثانياً من أجل عدم شل المؤســسات وتحويل مؤسسة مجلس الوزراء إلى مؤسسة معطّلة عن العمل، وبالتالي امتداد الشغور من قصر الرئاسة في بعبدا إلى السراي الحكومي. وكشفت هذه الجهات أن الإتفاق على هذين العنوانين العريضين، يشكّل خشبة الخلاص للواقع الداخلي، وتمكّنت الحكومة من خلالها من العبور إلى دائرة المراوحة الإيجابية على أكثر من مستوى، ولو كانت هذه المعادلة تنسحب أيضاً على الفراغ الرئاسي المرجّح استمراره لفترة طويلة.
وأكدت أن تمسك كل الأطراف السياسية بالحكومة وبالحوار، تأتي تعبيراً عن استمرار تقاطع الإرادات الأساسية الخارجية، كما الداخلية، بوجوب النأي بلبنان عن أي انقسامات مهما كان طابعها وحجمها. وفي هذا الإطار، استبعدت الجهات الوزارية أن يلجأ أي طرف داخلي إلى تصعيد موقفه في المرحلة المقبلة في اتجاه عرقلة العمل الحكومي أو تجميد الحوار، لافتة إلى أن «ما قيل قد قيل» وهو لا يتخطى مستوى تأكيد الموقف وتسجيل الإعتراض وليس أكثر. وعلى الرغم من أن أكثر من قضية أو نزاع هو موضع اختلاف بين اللبنانيين، فإن أياً من القوى السياسية يمتلك هامش إطلاق المواقف التصعيدية أو المبادرة من خلال قطع العلاقات أو العودة إلى مرحلة ما قبل الحوار السنّي ـ الشيعي، كما استدركت الجهات الوزارية التي وصفت أجواء جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، بأنها أكدت على وجود تمايز، ولكن لم يذهب أي من الوزراء المنقسمين إلى تأييد الرأي الآخر، وبشكل خاص الموافقة على الموقف الذي اتخذه الرئيس سلام في قمة شرم الشيخ يوم الأحد الماضي.
وبالتالي، فإن قرار البقاء في هذه الحكومة خاصة من قبل «حزب الله» محسوم، وذلك تزامناً مع تسجيل الإعتراض على موقف الرئيس سلام.
من جهة أخرى، تحدثت الجهات الوزارية نفسها عن انسحاب الواقع الوزاري هذا على مشهد الحوار أيضاً بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، الذي يبقى محكوماً بالإستمرار رغم كل المطبّات السياسية، مما يعني أن الحكومة، كما الحوار، قد باتا من الأولويات الوطنية لدى كل القوى السياسية المشاركة في حكومة المصلحة الوطنية الشاملة التي تعمل على إبقاء مجمل المشهد الداخلي السياسي كما الأمني تحت السيطرة التامة، وتحديداً تحت سقف الإستقرار العام الذي تشهده الساحة منذ الشغور الرئاسي الطويل. وخلصت هذه الجهات إلى التأكيد بأن تقطيع الوقت يبقى العنوان الأبرز بانتظار التسوية بين الجميع، وخاصة في ضوء ما يُسجّل من حراك سياسي في الكواليس يتناول الملف الرئاسي في الدرجة الأولى.ش