حين شارك رئيس الحكومة تمام سلام في القمة العربية في نواكشوط في موريتانيا، رفض أن يبيت ليلته فيها وآثر النوم في المغرب، والسبب في ذلك يعود إلى أنَّ العاصمة الموريتانية غير مطابقة للشروط الصحية، بحسب تعليلات الوفد اللبناني، علماً أنَّ الشروط الصحية ذاتها شملت كل الوفود العربية.
***
تذكَّرتُ هذه الواقعة، حين قرأت أمس خبراً على إحدى وكالات الأنباء الموريتانية، يقول:
شكا مواطنون في حي النجاح على طريق زينه في ولاية نواكشوط الغربية، من تجميع النفايات في حيِّهم. وناشد سكان الحي السلطات بالتدخل لإنقاذهم من التأثيرات غير الصحية للمكب، مؤكدين ظهور أعراض على مستوى الجهاز التنفسي للعديد من السكان في الحي.
وقد تدخل سكان الحي لمنع حرق النفايات التي تم تجميعها في حيهم تحسباً للدخان الناجم عن الحرائق، إضافة إلى وجود خط كهربائي أرضي يمر داخل الساحة يثير المخاوف إذا ما اندلع حريق في النفايات.
إنتهى الخبر.
نفاياتٌ في حي في ولاية، يُثير سخط السكان في البلد الذي رفض رئيس حكومتنا أن ينام فيه! ماذا يقول عن النفايات في بلدنا والتي تغطي كل حي ولا من رادع أو وازع، وحتى الحرق لا يخشاه أحدٌ لأنَّ ليس هناك لا من حسيب ولا من رقيب.
***
صارت موريتانيا أفضل من بلدنا، رميُ النفايات في حي يُثير أبناءها، عندنا يكاد البلد أن يُطمَر بالنفايات فيما الحكومة تتخبّط في معالجاتها.
والمشكلة أنَّ المسألة غير محصورة بالداخل، بل هي تبدأ من مدخل البلد من مطار بيروت، ويقع المرء في حيرة في المعالجات، هل يعالج النفايات أولاً أو يبدأ بالطيور التي تتغذى من النفايات العضوية وتختبئ في مراوح الطائرات؟
يحار المرء كيف يعالج موضوع الطيور، هل يكون من خلال رش مبيدات للتخلص منها قبل أن تدخل إلى مراوح الطائرات؟
إذا طُرِح هذا المخرج قامت قيامة جمعيات حماية الطيور، علماً أن صيد الطيور في لبنان يقضي على كميات أكبر من الطيور فيما لو تمّ رش المبيدات؟
***
ربما لا حلول إلا بالمحارق، هكذا يتم تفادي الطمر والتلويث، لكن المشكلة الحقيقية أنَّ أيَّ حل اليوم لن يكون نافعاً إلا بعد إعتماد خطة طوارئ لإزالة النفايات المتراكمة التي باتت مشكلة كارثية في حدِّ ذاتها مع قرب فصل الأمطار، ففي حال بدأت الأمطار بالتساقط، كيف ستتم معالجة ما هو متراكم؟
الحقيقة إنَّ الحكومة أمام معضلة حقيقية، وإنَّ هذه المعضلة ليست إبنة ساعتها على الإطلاق، بل إنَّ عمرها بدأ في كانون الثاني من العام 2015 حين اتخذ مجلس الوزراء قراراً بإقفال مطمر الناعمة وبعد ستة أشهر على هذا القرار تبيَّن أن الحكومة لم تُنجِز شيئاً ومنذ ذلك التاريخ بدأت غيوم الأزمة الداكنة تتجمّع في الأجواء اللبنانية.
***
في المحصِّلة، حكومة لا تعرف كيف تعالج معضلة النفايات، كيف تؤتَمَن على مصير بلدٍ وشعب؟