IMLebanon

الخلل والإحباط في الشارع السنّي/ ٨ الإخفاقات الحكومية تنقل العدوى إلى الطوائف الأخرى!

 

يبدو أن الإحباط السنّي في طريقه ان يتحول إلى إحباط وطني شامل، بعد الإخفاقات المتكررة للأطراف السياسية في التوصل إلى صيغة حكومية قادرة أن تبصر النور، دون مفاجآت اللحظة الأخيرة التي تطيح بكل ما يتم إنجازه على مدى أسابيع، بل أشهر طويلة!

للمرة الثانية خلال أقل من شهر، تتم عملية إجهاض الولادة الحكومية قبل ساعات من إعلان مراسم التشكيل، مما يعني أن ثمة «قطبة مخفية»، ما زالت تتحكم باللعبة السياسية، وتحاول تمديد فترة التعطيل القسرية للحكومة والعهد، بل وللبلد كله المتضرر الأكبر من الدوران في هذه الحلقة المفرغة من المناورات السياسية المكشوفة!

منذ اللحظة الأولى لتعثر عملية التأليف قلنا أن المسألة تتجاوز التسابق الطاحن على المحاصصات الوزارية، والحقائب الدسمة، إلى ما هو أبعد وأخطر : الإستحقاق الرئاسي المقبل!

الإشكالية الحقيقية التي تعترض إنطلاقة العهد، هي إستعجال فريقه في خوض معركة الخلافة قبل إستحقاقها بفترة زمنية طويلة، قبل أربع سنوات على إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، بخلاف ما كان يجري على المسرح السياسي تقليدياً، حيث كانت معركة الرئاسة تبدأ جدياً مع بداية السنة الأخيرة للعهد، وفي بعض الحالات الإستثنائية مع إنتهاء السنة الرابعة من ولاية الرئيس.

لقد أصبح واضحاً لحليف التيار الوطني الحر الأقرب، والمفترض أنه حزب الله، ان الوزير جبران باسيل يحاول خوض معركته الرئاسية المقبلة من خلال تشكيلة الحكومة العتيدة، والمرجح أن تبقى حتى السنة الأخيرة من الولاية العونية، لذلك يناور رئيس التيار الوطني الحر ويداور للحصول على الثلث المعطل، مباشرة أو مداورة، وبالتالي التفرد مع فريقه بالإمساك بدفة الحكم، بعيداً عن إعتبارات وقواعد المشاركة الفعلية في السلطة، حتى مع الحليف الذى أوصل فريقه إلى الرئاسة الأولى، على حساب تعطيل البلد، وتعريض الدولة لمخاطر التفكك والإنحلال.

ويبدو أن نجاح باسيل في التملص من إلتزامات وتبعات تفاهم معراب مع القوات اللبنانية، يشجعه للمضي في طوي صفحة التفاهمات والإلتزامات مع حليفه الآخر حزب الله، دون أن يُقيم أي حساب للفارق بين أسلوبي الحليفين في العمل على الأرض، فضلاً عن تعقيدات حسابات حزب الله الداخلية والإقليمية، والتي تتخذ من لبنان منصة رئيسية لأهدافها الخارجية.

وثمة من يعتقد أن المعركة السياسية بالنسبة لحزب الله، هي على جانب كبير من الأهمية، في التوقيت والتهديف، لأنها تأتي في خضم العقوبات الأميركية المتشددة ضد الحزب ومرجعيته إيران، ومن غير المعقول التساهل في إعطاء دفة السلطة، لحليف طامع بالرئاسة الأولى، وهو قد يُقدم على التخلي عن التحالف مع الحزب، إذا تطلب وصوله إلى بعبدا ذلك.

لذلك أصبح الحديث عن العقدة السنّية، أو عن ترشيح جواد عدرا أو غيره ممثلاً عن النواب الستة في الوزارة العتيدة، من نوع لزوم ما لا يلزم، لأن حزب الله كشف ما كان مستوراً على طاولة المفاوضات، ووجه أصابعه إلى حليفه اللدود جبران باسيل، متهماً إياه بالعمل على العرقلة والمماطلة، حتى يتمكن من الحصول على الثلث المعطل، وهو أمر مرفوض للحزب، ولو إقتضى الأمر العودة إلى المربع الأول، وإنتظار بضعة أشهر أخرى للتوصل إلى صيغة توافقية مقبولة لـ«حكومة العهد الأولى»!

وإزاء هذا العجز المتمادي في تظهير الحكومة العتيدة، لم تعد المعاناة مع الإحباط وقفاً على أهل السنّة والجماعة وحدهم، بقدر ما أصبحت ظاهرة مرضية تلف معظم اللبنانيين، على إختلاف طوائفهم، وفي مختلف مناطقهم!!

 

 

(الإسبوع المقبل الحلقة الأخيرة عن الخلل والإحباط في الشارع السنّي).