الأكثرية تبحث عن مرشح للرئاسة يُعيد الثقة العربية والدولية بالمؤسسات
بدا أن الملف الحكومي يزداد تعقيداً، بعد انسداد مخارج الحلول، بانتظار زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قصر بعبدا، وما يمكن أن ينتج عن هذه الزيارة التي تأخرت نتيجة تفاقم الخلافات بشأن هذا الملف، والذي دفع به إلى عنق الزجاجة الانتقاد النوعي للرئيس ميقاتي، تجاه «حزب الله» بعد إطلاقه مسيراته، ما جعل مفاوضات الترسيم في مهب الريح، بعد الاحتجاج الأميركي الشديد اللهجة، وما تلاه من تهديدات إسرائيلية.
ومع تفجر الخلاف بين الرئيس المكلف و«التيار الوطني الحر»، بدت الأمور على درجة كبيرة من التعقيد، ما يجعل عملية تأليف الحكومة بعيدة المنال، بعدما أكدت مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي أنه مصرّ على موقفه ولن يتنازل في موضوع حقيبة «الطاقة» مهما كانت الضغوطات التي قد يتعرض إليها، وإن كان مستعداً للبحث في بعض التعديلات في التشكيلة مع الرئيس عون»، مشددة على أنه «التزم بصلاحياته الدستورية في عملية التأليف، وينتظر الموقف النهائي لرئيس الجمهورية.
باريس طلبت من بيروت ضبط النفس وعدم تكرار ما حصل فوق حقل «كاريش»
وكان واضحاً من خلال قراءة الموقف الفرنسي، أن باريس أبدت قلقها باسم المجموعة الأوروبية، من خطوة «حزب الله» عبر إطلاق مسيراته باتجاه حقل «كاريش»، فدعت بيروت إلى ضبط النفس، والضغط على الحزب لعدم تكرار ما حصل، في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، ومع اقتراب موعد استئناف مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل . باعتبار أن مصلحة لبنان في سلوك طريق الدبلوماسية والمفاوضات، للحصول على حقوقه . وبالتالي فإن الأمور قد تنزلق نحو لا تحمد عقباه، في حال استمر «حزب الله» في مصادرة قرار الحرب والسلم، على حساب مصلحة لبنان وشعبه .
وتؤكد مصادر «الثنائي»، أن «غاية حزب الله من إطلاق المسيِّرات إبلاغ الإسرائيليين رسالة بأنه لن يسمح بأن يحصلوا على النفط والغاز، إذا لم يحصل لبنان على كامل حقوقه في مياهه الإقليمية . وهو قد أوصل الرسالة، الأمر الذي سيجعل إسرائيل تعيد حساباتها»، مشددة على أن «إسرائيل لا تفهم إلا بلغة القوة، ولن يكون بمقدورها سرقة الحقوق اللبنانية» .
إلى ذلك، ومع اتساع رقعة الخلافات بشأن تشكيل الحكومة، ووسط تشكيك بقدرة المسؤولين على تجاوز العقد التي تؤخر إعلان الحكومة، كانت لافتة دعوة النواب التغييريين إلى التوافق بين المكونات النيابية على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى الأكثرية النيابية التي لا ترى خلاصاً للبنان من هذا الواقع المزري، إلا برئيس سيادي إصلاحي إنقاذي، قادر على إخراج البلد من مأزقه .
وعلم في هذا الإطار، أن الأكثرية النيابية تضع نصب أعينها ملف الاستحقاق الرئاسي الذي بات يتصدر المشهد الداخلي، متخطياً الموضوع الحكومي الذي ما عاد يشكل حيِّزاً كبيراً من الاهتمام، بحيث أن التركيز ينصب، على منع وصول مرشح الفريق الآخر إلى مقام الرئاسة الأولى، بعد هزيمته في الانتخابات النيابية الأخيرة . ومن هذا المنطلق فإن الانتخابات الرئاسية بالنظر إلى أهميتها، باتت تشكل نقطة استقطاب داخلية وعربية ودولية، من أجل وضع رسم تشبيهي للشخصية التي تتمتع بالصفات السيادية والاستقلالية التي تؤهلها لشغل هذا المنصب الرفيع .
وينتظر أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة، سلسلة اجتماعات لكتل الأكثرية النيابية، من أجل بلورة تصور مشترك، قد يفسح في المجال أمام التوافق على اسم محدد للرئاسة الأولى، يحظى بدعم عربي ودولي، وقادر على إعادة الثقة العربية والدولية بالمؤسسات اللبنانية الدستورية وتفعيل دورها، في حين لفتت الإشادة البريطانية، وقبلها الأميركية بدور الجيش وقيادته في حفظ الاستقرار وتفعيل عمل مؤسسات الدولة، في ظل حديث متزايد عن دور بارز لقائد الجيش العماد جوزف عون في المرحلة المقبلة .