بعد انطلاقة المجلس النيابي في استحقاقه الأول والذي تمثل بالجلسة العامة العلنية بالأمس ، تؤكد مصادر نيابية مطلعة بأن الإستحقاق الثاني والاساسي كما الحيوي الآن، يتمثّل بتشكيل حكومة جديدة، مشيرةً إلى أن المبادرة اليوم هي لدى رئيس الجمهورية ميشال عون ، الذي سيوجه الدعوة إلى النواب والكتل من أجل الإستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، تمهيداً لتحديد هوية الرئيس الجديد المكلف تأليفَ حكومة جديدة، خلفاً لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وبينما شددت المواقف النيابية على أن الإستحقاق الحكومي، يحتل الأولوية نظراً للظروف الداخلية الدقيقة، فإن ملامح هذا الإستحقاق، لم تتضح بعد، على الأقل في المرحلة الراهنة، حيث تختلط الإتجاهات داخل المجلس النيابي كما بات جلياً للجميع بالإستناد إلى وقائع جلسة الأمس، وإن كانت المصادر النيابية، تعتبر أن معادلة انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وأعضاء هيئة المكتب، ستنسحب على المعادلة الحكومية المقبلة.
وتكشف هذه المصادر عن أجواء سياسية مستجدة برزت في الساعات الماضية، وعلى إيقاع جلسة المجلس النيابي الأولى، وستترجم من خلال مسار عملية تأليف الحكومة، والذي وعلى عكس ما هو متداول حول احتمال التأخير وبالتالي الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال، يتقدم إلى الأمام، وذلك بمعزل عن وجود هامشٍ واسع أمام الرئيس عون للدعوة إلى الإستشارات. وعلى الأرجح، تُضيف المصادر، فإن الإستشارات لن تتأخر، ولكن ربما تتعقّد عملية تشكيل الحكومة لاحقاً بفعل الخلافات التي ظهرت في عملية الإستعداد للإستحقاق في المجلس النيابي بالأمس، وما رافقها من إرباك داخل القاعة وخارج أروقة المجلس.
ومن هنا، فإن إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، شكّل مقدمةً لتأليف حكومة جديدة تكون كاملة الصلاحيات وليس حكومة تصريف أعمال كالحكومة الحالية، من أجل مقاربة المرحلة المقبلة والإستحقاق الثالث المرتقب والمتمثل بالإنتخابات الرئاسية، لكن المسار الذي سلكته عملية انتخاب رئيس المجلس، والتي لعبت فيها الأوراق البيضاء دوراً بارزاً، لا بدّ وأن تكون لها أصداء مهمة في الإستحقاقات الدستورية المقبلة وبشكلٍ خاص في عملية تشكيل حكومة جديدة ستقوم باتخاذ قرارات ذات طابعٍ مصيري خصوصاً على الصعيدين المالي والإقتصادي. ولذا فإن المناخ الداخلي، سيبقى في حالةٍ من الإرباك والضبابية في مجال العمل الحكومي وعلى مستوى القرار في السلطة التنفيذية في ظل حكومة تصريف الأعمال، ممّا سوف يستدعي تحركاً على أكثر من مستوى وخصوصاً من قبل المرجعيات الروحية كما السياسية من أجل التركيز على الملف الحكومي قبل أن يخسر لبنان المزيد من الوقت لا سيما على صعيد استكمال عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة المالية الحالية، مع العلم أن الحكومة الجديدة ستكون وحدها القادرة على الإمساك بزمام القرار المالي والإقتصادي وبالتالي مقاربة المرحلة الخطيرة المتوقعة في ضوء التحذيرات الدولية من تسارع وتيرة الإنهيار إذا استمر غياب المعالجات الإصلاحية من قبل حكومة مكتملة الصلاحيات.